مقال

نفحات إيمانية ومع دور الأخلاق فى المجتمع ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع دور الأخلاق فى المجتمع ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الرابع مع دور الأخلاق فى المجتمع، وأما ما طبع عليه من الأدب فهو الخيم بالكسر، وهو السجية والطبيعة، لا واحد له من لفظه، ومعنى وخيم هو اسم جبل فيكون الخلق الطبع المتكلف، والخيم الطبع الغريزي، وقد أوضح الأعشى ذلك في شعره فقال وإذا ذو الفضول ضن على المو لى وعادت لخيمها الأخلاق، وقد قيل أن السبب الرئيسي لنزول سورة القلم؟ هو أنه حينما علم كفار قريش ما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء من نزول جبريل عليه السلام، عليه وتبليغه الرسالة، اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالجنون وأنه يدعي النبوة، فنزلت سورة القلم لتثبيته والدفاع عنه، وردا على كفار قريش.

 

وإنذارا لهم بالعذاب على كفرهم وجحودهم، وكذلك فإن سبب نزول آية” وإنك لعلى خلق عظيم” ولماذا وصف الله رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأنه صاحب خُلق عظيم؟ فقد نزلت هذه الآية تذكيرا من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بعظيم خُلقه من حياء وكرم وشجاعة وصفح وحلم وكل خُلق جميل، فقد كان أحسن الناس خُلقا وكان خلقه القرآن، ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الهدف من بعثته هو غرس مكارم الأخلاق في أفراد المجتمع، أي أرسلت لأجل أن أكمل الأخلاق بعد ما كانت ناقصة، وأجمعها بعد التفرقة، وقد وقف العلماء عند هذا الحديث قائلين لماذا حصر النبي صلى الله عليه وسلم بعثته في مكارم الأخلاق.

 

مع أنه صلى الله عليه وسلم بعث بالتوحيد والعبادات وهي أرفع منزلة وأهم من الأخلاق؟ وإن الجواب هو أن التوحيد والعبادات شرعت من أجل ترسيخ مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، فالغاية والحكمة الجليلة من تشريع العبادات هي غرس الأخلاق الفاضة وتهذيب النفوس، كما هو معلوم في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها،وإن لأهمية الأخلاق أصبحت شعارا للدين فالدين المعاملة، فلم يكن الدين صلاة ولا زكاة ولا صوم فحسب، فقال الفيروز “اعلم أن الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق، زاد عليك في الدين” وهكذا تظهر أهمية الأخلاق ومكانتها في الرسالة المحمدية حتى أصبحت شعارا للدين تمثله كله، وكثيرا ما نقرأ وندرس ونتعلم القيم والأخلاق.

 

ولكن هل طبقنا ذلك عمليا في واقعنا وحياتنا اليومية ؟ فإننا لو نظرنا إلى حياتنا المعاصرة لوجدنا انفصالا بين ما نقرأه ونتعلمه ونتعبد به، وبين ما نطبقه على أرض الواقع، فكلنا نقرأ في الأخلاق، وكلنا نحفظ آيات وأحاديث في الأخلاق، وكلنا نسمع صورا مشرقة من أخلاق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين، ولكن هل طبقنا ذلك عمليا؟ فعلينا أن نتأسى بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضي الله عنهم في تطبيقهم العملي الواقعي لمكارم الأخلاق، فقد جعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم التفاوت في الإيمان بين المسلمين هو حسن الخلق، فأحسنهم خلقا هو أكملهم إيمانا.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم”أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم” رواه الترمذي وأحمد، فالأخلاق الحسنة هى علامة على كمال الإيمان، وإن نيل السعادة والعيش في أكنافها، لا يدرك بالمنصب ولا بالجاه ولا ينال بالشهوات ومتاع الحياة ولا بِجمال المظهر ورقيق اللباس، فإنه لا ينال إلا بلباس التقوى ورداء الخُلق، وعمل صالح وقول حسن، فقال تعالى فى سورة الحج ” اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون، وجاهدوا فى الله حق جهاده” فإن الأخلاق العظيمة هى سبب في محبة الله للعبد، وإذا أحبك الله وفقك وسددك وأعانك، فقال صلى الله عليه وسلم “أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا” رواه الحاكم والطبراني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى