مقال

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء9”

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء9”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الصبر وإنتظار الفرج، فإن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها, بل هي ظاهره وباطنه أيضا, وذكر بعض السلف أن من علامات قبول الحسنة أن يوفق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياه لحسنة بعدها يدل على أن الله عز وجل قبل عمله الأول، ومن عليه بعمل آخر يرضي به عنه، ومن أتى بالعبادة على الوجه المشروع فليستبشر خيرا، والواجب على المرء إذا أتى بالعبادة على الوجه المشروع إخلاصا لله ومتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يستبشر خيرا، وأن يقول اللهم كما مننت عليّ بالعمل فامنن عليّ بالقبول، ولا ييأس, بل يفرح، وقد جاء في الحديث “من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن”

 

وهذا شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا فعل الحسنة وسُرّ بذلك وفرح وانشرح صدره، وإذا عمل سيئة اغتم لذلك، فذلك هو المؤمن بنص كلام الرسول علية الصلاة والسلام، وهو استشعار المرء أنه من حين يدخل في الإحرام إلى أن يحلّ منه وهو في عباده، وليعلم أن المرء من حين يدخل في الإحرام إلى أن يحلّ منه فهو في عباده في ليله ونهاره ونومه ويقظته وقيامه وقعوده فليشعر بذلك شعورا تاما، حتى يحصل له زيادة الإيمان والرجوع إلى الله عز وجل فإن ذلك من أهم الأمور التي ينبغي للإنسان أن يعتني بها، وإن العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعبد، فإن جميع أوامر الشرع ونواهيه حكمة ولا حاجة أن نعرف العلة لأننا نعلم أن الله حكيم وأنه ما شرعه إلا لحكمة وما موقفنا من الأوامر والنواهي إلا أن نقول ” سمعنا وأطعنا ”

 

فإن تيسير لنا معرفة الحكمة فهذه منة من الله عز وجل, ومساعدة ومعونة من الله حتى يطمئن القلب ويقوى الإيمان وإن لم تتبين فالمؤمن يكفيه أن هذا حكم الله عز وجل ولذلك ربما تكون العبادة التي تخفى حكمتها أبلغ في التعبد لأن الشيء إذا علمت علته قد يكون عقلك يأمرك به لكن إذا كنت لا تعرف العلة فإن تذللك لله به وعبادتك إياه أبلغ في التذلل، وكذلك فإن عبادة الله بالهدى لا بالهوى، فينبغي للإنسان أن يكون عنده فقه في دين الله وأن يتبع ما جاء عن السلف، وألا يعبد الله بالهوى وإنما يعبده بالهدى، فاعبد الله بالهدى لا بالهوى ولو أننا قلنا إن الإنسان يعبد الله بالهوى لكان أولئك أصحاب الطرق الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه لكانوا على صواب.

 

ولاختلف الناس فيما بينهم في دين الله ولكن إذا قلنا العبادة موقوفة على ما جاء به الشرع فحينئذ نتحد ويكون عملنا واحد، وإن الصبر مع انتظار الفرج من أعظم العبادات، فإن الصبر مع انتظار الفرج يعتبر من أعظم العبادات لأنك إذا كنت تنتظر الفرج فأنت تنتظر الفرج من الله عز وجل وهذه عبادة وقد قال النبي علية الصلاة والسلام “واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب” فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج أقرب إليك “وإن مع العسر يسرا” وإن من فوائد بسط الدعاء أنه عبادة وكلما كررت الدعاء ازددت لله تعبدا، وإن مقام الدعاء يقتضى البسط لأمور، وهو أهمها لمن فتح الله قلبه التلذذ بمناجاة الله عز وجل لأن كل واحد منا لو كان له صديق محبوب إليه.

 

فإنه يحب أن يبسط ويكثر معه القول, وإذا جلس إليه وقاما يتحدثان تمضى الساعات الطويلة وكأنها دقائق، وأن الدعاء عبادة وكلما كررت ازددت لله تعبدا فيزداد أجرك بازدياد جمل الدعاء، وأن البسط والتفصيل يوجب تذكر الإنسان كل هذه الأنواع التي بسطها وبينها وفصلها واستحضار الإنسان لذنوبه تفصيلا أكمل في التوبة لأن التوبة المجملة لا تستوعب جميع الذنوب استحضارا وإن كانت تستوعبها لفظا ومدلولا فمثلا لو قال الإنسان اللهم اغفر لي ذنبي كله وهو قد فعل ذنوبا قد تكون أكبر مما يتصوره الآن لكن غابت عن باله فإذا ذكر وفصل كان هذا أبلغ في التوبة لأن الدلالة على تعين الأفراد أقوى من الدلالة على العموم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى