مقال

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء7”

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء7”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع الصبر وإنتظار الفرج، والصبر من جميل الخلال، ومحمود الخصال فلا تتسخط على أقدار الله، ولا تقع في سب الدهور والأزمان، ولا تلطم وجها، أو تشق جيبا، واحذر أن تفتح على نفسك باب الشيطان الكبير وهو كلمة “لو” فتقول لو أني ما فعلت، وإن البلاء أمر قضي وانتهى والمؤمن يصبر اختيارا، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه “وجدنا خير عيشنا بالصبر” ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “الصبر مطية لا تكبو” ويقول ابن القيم رحمه الله “الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا ومستراح العابدين وقرة عيون المشتاقين، ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى وأمنا.

 

وفرغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه، ومن فاته حظه من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه ” فإن في المحنة منحة، وفي النقمة نعمة ، فيها تقوية للمؤمن وتدريب له على الصبر، وفيها النظر إلى قهر الربوبية وذل العبودية وفيها خضوع الإنسان لربه وانطراحه بين يديه ، فالله تعالى يبتلى خلقه بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به فهذه من النعم في طي البلاء، وليعلم أهل المصائب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب وقسوة القلب وما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء وحفظا لصحة عبوديته .

 

وفيها العلم بحقارة الدنيا وهو أنها أدنى مصيبة تصيب الإنسان تعكر صفوه وتنغص حياته وتنسيه ملاذه السابقة، فاتقوا الله عباد الله فيقول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” فإن الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمتاعب والبلايا والشدائد والنكبات إن صفت يوما كدرت أياما وإن أضحكت فترة أبكت زمنا طويلا، ولذا فهي لا تدوم على حال أبدا و صدق الله العظيم عندما قال “وتلك الأيام نداولها بين الناس” فانظر إليها تجدها فقر وغنى وصحة مرض وبلاء وعافية وعز وذل، فهذا مصاب بالعلل والأشقام وذاك يخرج من مرضه سليما معافى وهذا مصاب بعقوق أبنائه وذاك مصاب بسوء خلق زوجته وآخر مصاب بفقد ماله وآخر مصاب بسوء أخلاق جيرانه.

 

وهكذا سلسلة من الآلام والأحزان والمصائب لا تنتهي لكن هل يستفيد الناس منها ويتفكروا فيها ويتدبروا فيما يزيلها، ولا يزيل هذه الآلام ويكشف تلك الكروب إلا علام الغيوب الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وهكذا حال المسلم في البأساء الصبر والإنابة إلى الله يتوصل بالأسباب الموصلة إلى كشف الكروب وإزالة المكروه لا يستكين للحادثات ولا يضعف للملمات يحاول تجاوز المحنة أيا كانت والتخلص منها في حزم الأقوياء وعزيمة الأصفياء وصبر الأولياء قدوته في ذلك سيد المرسلين وإمام الصابرين فقد حل به وبأصحابه من البلايا والمحن ما تعجز عنه حمله الجبال الراسيات ولكنهم ما وهنوا وما ضعفوا بل قابلوا ذلك بالصبر والثبات.

 

فيقول الله تعالى “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم” فعلى كل مسلم ألا يجزع مما أصابه ولا يحزن على ما فاته فإن ذلك لا يرد فائتا ولا يدفع واقعا فاترك الهم والحزن وكن مستعينا بالله متوكلا عليه وخذ من الأسباب ما يفرج كربك ويذهب همك من تقوى الله والإنابة إليه والتوكل عليه والتعرف إليه في الرخاء فقد قال تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا” وقال أبو الدرداء رضي الله عنه “إن من شأنه سبحانه أن يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع أقواما ويضع الآخرين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى