مقال

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 5″

بقلم/ محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى، ويتملئ صدر الإمام على رضى الله عنه، غما وهما وهو يشهد رجاله ينقلبون عليه يتمردون، ويشفق من فتنة تثور في عسكره، فتأتي على البقية الباقية منه، وإنه لا يدري ماذا يفعل، وقد أوقع في يده، فاعتراه حزن ثقيل مظلم، فلا رأي لمن لا يطاع، وكالبركان انفجر في وجوههم، وهو يتميز غيظا وحنقا كفوا، فكفوا، ويتم التحكيم، وإن الحُكم إلا لله، ويختار أهل الشام عمرو بن العاص ممثلا لهم ويكون الإلحاح على الإمام على رضى الله عنه، على القبول بأبي موسى الأشعري حكما من طرفه، وتكتب بذلك صحيفة، تهافتوا على التوقيع عليها، وعندما دُعي مالك الأشتر للتوقيع عليها، شاهدا.

 

قال لا صحبتني يميني، ولا نفعتني شمالي، إن خُط لي في هذه الصحيفة اسم على صلح وموادعة، أو لست على بينة من ضلال عدوي؟ أو لستم قد رأيتم الظفر؟ ويبتسم الإمام على رضى الله عنه، ابتسامة إعجاب واعتزاز لقول يصدر عن رجل لا كالرجال العاديين وكان بعد ذلك من أمر التحكيم ما كان، ويعود كل إلى بلده ويردّ الإمام على رضى الله عنه، الأشتر عاملا له على الجزيرة أي حاكما على منطقة الجزيرة في الشام، وبلغ الأشتر أن الضحاك بن قيس، وكان أميرا على جيش معاوية في صفين، سار يريد حرّان، فأقبل الأشتر إليه، ونازله مع جنوده في مرج مرينا، وهو مكان بين حرّان والرقة، وانهزم الضحاك وأصحابه، فالنصر تحت راية الأشتر حيثما كان.

 

وطارد الأشتر الضحاك ومن معه، فحاصرهم في حرّان، وناداهم ألا تنزلون أيها الثعالب الروّاغة الجحر، والجُحر هو ثقب في الأرض تأوي إليه الحشرات والحيات يا معاشر الضباب، وهو جمع ضب وهى دويبة صحراوية ماكرة، ومضى، فمرّ بالرقة فتحصنوا فيها ثم تابع طريقة إلى قرقيسيا فتحصنوا، فالأشتر، بالنسبة إليهم، سيف من سيوف الله مسلول، لا يقوم أمامه شيء، وينصرف الأشتر بجنوده، وإذا بكتاب من الإمام على رضى الله عنه، يقول له فيه ” إنك ممن أستظهر به على أقامة الدين، وأقمع به نخوة الإثم، وأسد به ثغر المخوف، فأقدم عليَّ لننظر في ما ينبغي ” ويتساءل الأشتر ما الأمر ؟ فيقال له إن أهل مصر قد انتفضوا على محمد بن أبي بكر الذي ولاه الإمام على رضى الله عنه، عليهم.

 

فقتل وليس لهذه المهمة في مصر غيرك، ويسرع الأشتر، ممتثلا أمر الإمام على رضى الله عنه، فإنه سيفه في شديد الملمات وعند الخطوب الصعاب، ويأمر الإمام على رضى الله عنه، الأشتر بالتوجه إلى مصر، واليا على أهلها من قبله، ويحمّله إليهم منه كتابا فيقول الإمام على رضى الله عنه، فيه” إني قد بعثت عليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل، أي لا يتراجع عن الأعداء حذر الدوائر، من أشد عباد الله بأسا وأكرمهم حسبا، أضر على الفجّار، من حريق النار، وأبعد الناس من دنس وعار، وهو مالك بن الحارث الاشتر، فاسمعوا له وأطيعوا أمره في ما طابق الحق، فإنه سيف من سيوف الله ” فكانت هى شهادة له من أميرالمؤمنين الإمام على رضى الله عنه، في الأشتر.

 

يلحق مجدها وفخرها وشرفها، النخعيين، وبني مذحج حتى قيام الساعة ويعهد أميرالمؤمنين الإمام على رضى الله عنه، إلى الأشتر عهدا، يحفل به نهج البلاغة، وكتب السير والمغازي، فلا يدع شاردة ولا واردة يستقيم بهما الحُكم، ويحتاجهما الحاكم، إلا ويأتي على ذكرهما، ويجد حكام الدنيا في عهد الإمام على رضى الله عنه، للأشتر برنامج عمل، ودستور حكم ليس لهما من نظير، ويوجس معاوية خيفة من الأشتر المتوجه إلى مصر، وكان معاوية بها طامعا، فبعث إلى رجل من أهل الخراج، يثق به، قائلا إن الأشتر قد وُلي مصر، فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيتُ وبقيت، فاحتل بما قدرت عليه، فلما قدم الأشتر القلزم وهى مدينه أطلالها اليوم قرب مدينة السويس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى