مقال

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، الذي يتكون من مجموعة أسر ترتبط بعضها ببعض، والمجتمع كله تقاس قوته أو ضعفه بقدر تماسك الأسرة أو ضعفها داخل المجتمع، وترجع قوة الأسرة أو ضعفها في المجتمع الإسلامي إلى مدى تمسكها بالدين الإسلامي، ويعد نجاح الأسرة هو أول مبشر بإستقامة المجتمع واكتماله، وإذا كان صلاح المجتمع مرهونا بصلاح الأسر التي يحتويها، فإن صلاح الأسرة أيضا مرهون بصلاح الأفراد التي تحتويها وتتكون منها، ومن هذا المنطلق حث الإسلام على رعاية كل عنصر من عناصر الأسرة ليكون قائما على مسؤولياته بأفضل ما يمكن، فوضع الضوابط للرجل كي يحافظ على حقوق زوجته من الظلم أو الضياع.

 

ووضع الضوابط للزوجة كي تكون ضمن قوامة الزوج حفاظا عليها وحماية لها، ومنع من قتل الأب أو الأم لأطفالهما كما كانت عادة الجاهلية، إذ كانوا يئدون البنات، ويقتلون أولادهم خشية الفقر، فأنزل تعالى في القرآن الكريم قوله تعالى ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا” وهنا أشار المفسرون إلى لفتة لغوية مدهشة، تتجلى بأن الله تعالى يرزق الأبناء قبل أهلهم، فرزقهم يصل إليهم بتوفيق الله تعالى ثم يكون رزق الأهل بمعيتهم، وهو تحذير صريح موجه للحفاظ على الأسرة من الدمار والقتل، من ذلك تنطلق أولى الأساسيات المحافظة على تكوين الأسرة بحد ذاته، وعلى وجودها واستقرارها، وفى ظل ما وصلنا إليه اليوم من الإنهيار الأخلاقى.

 

وإنعدام الأخلاق إلا ما رحم الله عز وجل، لنا أن نتساءل عن الدوافع الموضوعية الخارجية التي أسهمت بشكل فعال في انتشار هذه التقليعات، وتكاثر عدد من يتعاطاها ويتفاعل معها، وهي دوافع عديدة، نركز منها على الدافع الذي يعتبر الأقوى بين الدوافع الأخرى، وهو ضعف دور الأسرة في تنشئة الطفل على التدين الصحيح، الكفيل بوقايته من سرعة التأثر بالعادات الخارجية، والمؤثرات الدخيلة، فالطفل المسلم يجب أنه يُربّى على ممارسة أنشطته التعبدية كالصلاة التي يُؤمر بها لسبع، ويُضرب عليها وهو ابن عشر لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين” رواه أبي داود.

 

والتدريب على الصيام مرة مرة، وبخاصة عند استغلال بعض المناسبات الدينية، كصوم يوم عاشوراء، فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت “أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة ” من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مُفطرا فليُتم بقية يومه” فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب بهم إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن وهى الصوف المصبوغ، فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفي الحديث حجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام” ثم قال.

 

“إن كثيرا من العلماء استحبوا أن يدرب الصبيان على الصيام والعبادات، رجاء بركتها لهم، وليعتادوها، وتسهل عليهم إذا لزمتهم” وقال المهلب رحمه الله “وفي هذا الحديث من الفقه أن من حمل صبيا على طاعة الله، ودرّبه على التزام شرائعه، فإنه مأجور بذلك” كيف لا، ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” شاب نشأ في عبادة ربه” كما في الصحيحين؟ وأمر صلى الله عليه وسلم بتعليم الصغار كتاب الله، حفظا، وتلاوة، واعتناء، وتقديرا، وهو داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من تعلم القرآن وعلمه” رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم “ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهّل الله له به طريقا إلى الجنة” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى