مقال

نفحات إيمانية ومع الأسرة ودورها فى توجية الأبناء ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع الأسرة ودورها فى توجية الأبناء ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد جاءت التربية بمعنى العناية بالشيء، وتقديم الرعاية له، وأما في الاصطلاح الشرعي فقد عرفها البيضاوي بقوله تأتي كلمة الرب في الأصل بمعنى التربية، وهي الوصول بالشيء إلى درجة الكمال عن طريق التدرج في ذلك شيئا فشيئا، وقال الراغب الأصفهاني في تعريف التربية، فالتربية هي أصل معنى كلمة الرب، وهي تنشئة الشيء درجة فدرجة حتى يبلغ مرتبة الكمال والتمام، كما وتعرف التربية الإسلامية بأنها اتباع المنهج الإسلامي في تنشئة الفرد المسلم، بطريق التدرج، وبشكل يشمل جميع جوانبه، وذلك لتحقيق السعادة له في الدنيا والآخرة، وتقوم التربية الإسلامية على مجموعة من الأسس تؤدى إلى تحقيق التطور المتوازن والمتكامل في شخصية المسلم.

 

بحيث أنها تهتم بجميع جوانبه الشخصية، والروحية، والجسمية، والعقلية، والاجتماعية، والانفعالية في آن واحد، لقوله تعالى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا” حتى التزكية التي أمر بها الإسلام تشمل نفس الإنسان وعقله وجسمه وفؤاده، وتحقق المصلحة لبدنه، لقوله تعالى ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا” ولقد تخلت بعض الأسر عن دورها في توجيه الأبناء والبنات إلى ما وصانا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به من الاحتياط الشديد في التربية المبنية على هدي ديننا الحنيف بل من الأولياء من يرى هذا الاحتياط تخلفا وتشبثا بالماضي، وأن الأبناء يجب أن يمارسوا حياتهم بكل تلقائية وعفوية.

 

اندماجا مع أقرانهم، وتكيفا مع ظروفهم، وتحقيقا لذواتهم، وانسجاما مع ممارسة حريتهم، ويرون أن تدخل الآباء في تفاصيل شؤون أبنائهم، قد يصيبهم بالتعقيد والانزواء، وما علموا أن في محيطهم من الأهواء والشهوات والمزالق، ما قد يورثهم سوء العاقبة، ويعود على الأبوين المفرطين باللائمة، وما علموا أن تنشئتهم على التدين تقيهم كثيرا من أمراض المدنية الحديثة، فهلا تنبه أولياء الأمور إلى ضرورة تخصيص الوقت الكافي لمراقبة أبنائهم، وتتبع أحوالهم وأفكارهم، قبل أن يفوت الأوان؟ فإن جميع الأطفال في المنزل يتعلمون من أفعالنا، وليس من أقوالنا، وبالتالي فإن أفضل طريقة يتعلم بها الطفل أن يكون إيجابيا هو عن طريق نقل هذه الصفة من الآباء تباعا إلى أولادهم.

 

وهذا لن يتحقق إلا إذا تمتع الآباء بسمات وصفات إيجابية، فالطفل عادة يقوم بتصوير كل حركة يقوم بها الأب والأم وإخوته، ويقوم بحفظها داخل عقله وعليها يقوم بالتصرف في المستقبل ولذلك يجب أن يرى الطفل هذه الإيجابية في آبائه، أما عن دور الأم، فهو الدور الأهم على الإطلاق في بناء شخصية الطفل الإيجابية منذ صغره، ويختلف دور الأم باختلاف أنماط الأسر، فإذا وضعت الأم قائمة من القواعد والممنوعات والأمور الكثيرة التي تحد من حركة الطفل في المنزل، أو إذا كانت الأم من النوع كثير الانتقاد، أو النوع الذي عنده الحماية الزائدة على الطفل بحيث لا تجعله يفكر كثيرا أو يغامر في شيء ما، فإن هذا النمط أو الشكل لا يعطي ناتجا إيجابيا في نهاية الأمر.

 

 

لأن الطفل بالتأكيد يحتاج إلى مساحة حتى يصبح إيجابيا، وهنا يأتي دور الأم في إعطاء الطفل مساحة من الحرية للتعبير عن مشاعره وتجربة كل شيء، بالإضافة إلى تنمية المبادرات الصغيرة التي يفعلها الطفل من تلقاء نفسه بتَكرار الفعل أمامه، لا بالشرح، حتى يستمر عليها وتكتمل السمة الإيجابية لدى الطفل، وإن الآباء لا بد أن يحملوا على عاتقهم تنمية مهارات الطفل الصغير في بدايته العمرية لتعزير الثقة بالنفس والشعور بالأهمية، كما يجب عليهم مراعاة الحوار غير اللفظي، والمقصود به تعبيرات الوجه، ونبرة الصوت والحركات لأن الأطفال دائما ما تميل إلى تصديق الحوار غير اللفظي، الذي بدوره يؤدي في النهاية إلى تعزيز ثقته بنفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى