مقال

نفحات إيمانية ومع العباس بن الوليد بن عبد الملك “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع العباس بن الوليد بن عبد الملك “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع العباس بن الوليد بن عبد الملك، وأما عن والد العباس بن الوليد، فكان أبوه هو الوليد الأول بن عبد الملك الأول الأموي القرشي، وهو يكنى أبو العباس وقد ولد بالمدينة المنورة وهو أبو العباس الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، الدمشقي الذي أنشأ جامع بني أمية، وقد بويع بعهد من أبيه، وقيل أنه كان مترفا، دميما، سائل الأنف، طويلا أسمر، بوجهه أثر جدري، في عنفقته شيب، يتبختر في مشيه، نهمته في البناء، وقيل أنه قام بتجديد وإنشاء مسجد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وزخرفه، وقد رزق في دولته سعادة، ففتح بوابة الأندلس وبلاد الترك، وكان لحنة، وحرص على النحو أشهرا، فما نفع، وغزا الروم مرات في دولة أبيه، وحج بيت الله الحرام وقيل أنه كان يختم في كل ثلاث.

 

وختم في رمضان سبع عشرة ختمة، وكان يقول لولا أن الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحدا يفعل ذلك، وقد قال ابن أبي عبلة، رحم الله الوليد، وأين مثل الوليد، افتتح الهند والأندلس، وكان يعطيني قصاع الفضة أقسمها على القراء، وقيل أنه كان فيه عسف وجبروت، وقيام بأمر الخلافة، وقد فرض للفقهاء والأيتام والزمنى والضعفاء، وضبط الأمور، وقد ساق ابن عساكر أخباره، وقيل أنه مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وله إحدى وخمسون سنة، وكان في الخلافة عشر سنين سوى أربعة أشهر، وقبره بباب الصغير، وقام بعده أخوه سليمان بعهد له من أبيهما عبد الملك، وقد كان عزم على خلع سليمان من ولاية العهد لولده عبد العزيز، فامتنع عليه عمر بن عبد العزيز وقال لسليمان بيعة في أعناقنا، وله ترجمة طويلة في تاريخ دمشق.

 

وغير ذلك، ويلقب عصر الوليد الأول العصر الذهبي للدولة الأموية حيث كان عصره في قمة ازدهار الدولة الأموية وجه القادة من دمشق لفتح البلاد في مختلف الاتجاهات حيث وصل الإسلام إلى الصين شرقا وإلى الأندلس وهى أسبانيا غربا، وكان من رجاله محمد بن القاسم الذي فتح بلاد السند وقتيبة بن مسلم والي خراسان الذي فتح بلاد ما وراء النهر وموسى بن نصير، الذي انضم إلى طارق بن زياد في فتح غرب أفريقية وفي فتح الأندلس، وقد بلغت الدولة الأموية في عهده أوج عزها حيث فتحت جيوشه بخارى وسمرقند وخوارزم، وفرغانة والهند وطنجة والأندلس، امتدت في زمنه حدود الدولة الإسلامية من المغرب الأقصى وإسبانيا غربا ووصل اتساع الدولة الأموية إلى بلاد الهند وتركستان فأطراف الصين شرقا في وسط آسيا لتكون بذلك الدولة الأموية أكبر امبراطورية إسلامية عرفها التاريخ.

 

وكان العباس بن الوليد شاعرا له في زوجته أم سعيد من حفيدات عثمان بن عفان لما طلقها فندم وقال أسعدة هل إليك لنا سبيل وهل حتى القيامة من تلاق، بلى ولعل ذلك أن يؤاتي بموت من حليلك أو فراق، فأرجع شامتا وتقر عيني ويشعب صدعنا بعد افتراق، وقد توفي العباس بن الوليد عام مائه وثلاثين من الهجره، في سجن مروان بن محمد في حران، وكان ذلك بعدما اصابة وباء في السجن ومات معه إبراهيم الإمام وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز وكانوا في حبس مروان بن محمد وكان مروان قد سجن وقتل عددا من أبناء الوليد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، وأما عن مروان بن محمد، فهو أبو عبد الملك مروان الثاني بن محمد، المعروف أيضا بمروان الحمار أو مروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه جعد بن درهم، وهو آخر خلفاء بني أمية في دمشق.

 

وقد تولى الخلافة بعد حفيد عمه عبد الملك، وكان هو إبراهيم بن الوليد، الذي تخلى عن الخلافة له، وكان مروان لا يفتر عن محاربة الخوارج، وقد ضرب فيه المثل فيقال، أصبر في الحرب من حمار، ويقال بل العرب تسمي كل مائة عام حمارا، فلما قارب ملك آل أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار، وذلك مأخوذ من موت حمار العزير عليه السلام وهو مائة عام، وأما عن إبراهيم الإمام فهو إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المعروف بإبراهيم الإمام، وهو زعيم الدعوة العباسية قبل ظهورها وهو أخو الخليفتين السفاح وأبي جعفر المنصور، وكان يكنى بأبي إسحاق، وقد ولد بالحميمة سنة اثنين وثمانين للهجرة وقد تزوج من أم جعفر بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد عهد إليه أبوه في السر بالإمامة وتزعم الدعوة لحكم العباسيين، فبلغ خبره مروان الثاني.

 

فأخذه وحبسه مدة بحران، ثم قتله غيلة، فبويع سرا أخوه أبو العباس السفاح، وقيل أنه لما قتل إبراهيم الإمام لبس أقاربه السواد حزنا عليه، وذلك أول ما لبسوه، فصار شعارا لهم، وقد ذكره العسكري في الأوائل، وهكذا كان لعباس بن الوليد بن عبد الملك، فارس سخي يقال له فارس بني مروان، وقد فتح مدنا وحصونا كثيرة من بلاد الروم، وقد أرسل حديثا عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة ” وقيل أنه كان للعباس مواقف وحروب وغزوات وفتوحات، فقد قال ابن شوذب، عرض على عمر بن عبد العزيز، جوار وعنده العباس بن الوليد، فجعل كلما مرت به جارية تعجبه قال يا أمير المؤمنين، اتخذ هذه، قال فلما أكثر قال له عمر بن عبد العزيز أتأمرني بالزنا؟ قال فخرج العباس فمر بأناس من أهل بيته فقال ما يجلسكم بباب رجل يزعم أن آباءكم كانوا زناة ؟ وفى النهايه قد مات العباس بن الوليد في سجن مروان بن محمد بحران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى