مقال

نفحات إيمانية ومع أمية بن خلف الجمحي “جزء 3”

نفحات إيمانية ومع أمية بن خلف الجمحي “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع أمية بن خلف الجمحي، ويمضي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه متحدثا عن قصته مع أمية وهو في المدينة فيقول ” كاتبت أمية بن خلف كتابا، بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة” وفي رواية أخرى ” كان بيني وبين أمية بن خلف كتاب بأن يحفظني في ضياعي بمكة، وأحفظه في ضياعه بالمدينة، فلما ذكرت، الرحمن، قال لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته عبد عمرو ” فلما كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع ابنه عليّ وهو آخذ بيده، ومعي أدراع لي قد استلبتها فأنا أحملها، فلما رآني قال عبد عمرو، فلم أجبه، فقال يا عبد الإله، فقلت له نعم، قال هل لك فيّ، فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك؟ قلت نعم، ها الله، فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده وبيد ابنه.

 

وهو يقول ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن، ثم خرجت أمشي بينهما، وخرجت به إلى شعب لأحرزه حتى يأمن الناس” وتوجه الثلاثة إلى ذلك الشعب، ثم توجهوا إلى جبل فارتاحت نفس أمية بن خلف، فيا لها من أيام عصيبة تلك التي كانت تحمل في دقائقها الموت والحياة معا لأمية، وقد اطمأن أمية فتحدث عن اللبن الذي سيشربه ابن عوف وأصحابه من نياق أمية التي سيفتدي نفسه وابنه بها، واسترخت أعصابه فاسترسل في الحديث، وقال لعبد الرحمن بن عوف وهو يمشي معهم وكان بينه وبن ابنه آخذا بأيديهما، يا عبد الإله، من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قلت حمزة، قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، وواصلوا المشي والمسير، وفجأة دوت صرخة مرعبة من بعيد اتسعت لها عيون أمية وابنه.

 

صرخة قلبت أرض بدر على رأس أمية من جديد، صرخة من أعماق مضطهد لا تزال جراحه تلتهب، يقول عبد الرحمن بن عوف ” فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال بن رباح، معي وكان هو الذي يعذب بلال بن رباح بمكة على الإِسلام، فلما رآه بلال قال رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، قلت أي بلال، أسيري، قال لا نجوت إن نجا، ثم صرخ بأعلى صوته، يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا” فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال أمية بن خلف، وبلال يقول ” لا نجوت إن نجا ” أمية بن خلف، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لأشغلهم، فقتلوه، ثم أتوا حتى تبعونا، وكان رجلا ثقيلا فلما أدركونا قلت له أبرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي”

 

فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة، فأنا أذب عنه، فأخلف رجل بالسيف فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت بمثلها قط، قلت له انج بنفسك ولا نجاء، فوالله ما أغني عنك شيئا، فهبروهما بأسيافهما حتى فرغوا منهما، قتلوه وأصاب أحدهم رجلي بسيفه، ويتذكر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ذلك مبتسما ويقول “يرحم الله بلال، فجعني بأدراعي وبأسيري، وانتهت قصة أمية الطويلة كما تنتهي قصص كثير من أمثاله، الذين قضوا حياتهم في التعذيب والتنكيل، بمن يقع بين أيديهم من المؤمنين والضعفاء والمساكين، فقد انتهت حياته على يد من كان يتفنن في تعذيبه وكان يسلقه تحت شمس مكة المحرقة، لقد اشترى أبو بكر بلال وهو مدفون بالحجارة، فقد دفنه أمية، فهل سيدفن أمية بالحجارة ؟ فقد روى البخاري ومسلم.

 

من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه لما اشتد أذى قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم، رفع يديه داعيا ربه، فقال ” اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش” ثم تسمى ” اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد” وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب وهو قليب بدر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وأتبع أصحاب القليب لعنة” وقد قيل أنه كان أمية إذا رأى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، همزه ولمزه، فأنزل الله تعالى سورة الهمزة “ويل لكل همزة لمزه، الذى جمع مالا وعدده، يحسب أن ماله أخلده، كلا لينبذن فى الحطمه، وما أدراك ما الحطمه، نار الله الموقده، التى تطلع على الأفئده، إنها عليهم مؤصده، فى عمد ممدده” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى