مقال

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع إنسانية الحضارة الإسلامية، وسيطرت الحضارة الإسلامية على مجال العلوم منذ القرن الثالث للهجرة حتى القرن الخامس للهجرة، كما شملت الحضارة الإسلامية مختلف الجوانب المادية والمعنوية، وكرست نفسها لتسهيل التقدم والتطور، حتى قيل فيها إنه لا توجد حضارة في الوجود قدمت للبشرية ما قدمته الحضارة الإسلامية، وقيل أن الحضارة هي عبارة نتاج الجهد الذي يطبقه الإنسان لتحسين وتطوير ظروف حياته ومعيشته، سواء كان الجهد المبذول ماديا أم معنويا أو مقصودا أم غير مقصود، فالحضارة الإسلاميّة هي حضارة تقوم على الإسلام حيث إن الفكر الإسلامي هو الذي بناها وشيدها، وهي حضارة إنسانية تشمل مختلف جوانب الحياة.

 

كما أنها حضارة ربانية تعود إلى العلم الذي جاء به الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد استفادت الحضارة الإسلامية من مختلف الحضارات السابقة في قيامها وقد تفوقت عليها، فرفعت من شأن الشورى، والعدالة، والمساواة، والحرية، ومختلف الحقوق الإنسانيّة، ويمكن القول إن الحضارةَ الإسلامية هي حضارة نتجت من تفاعل مجموعة الثقافات الخاصة بالشعوب التي دخلت في دين الإسلام، كما أنها خلاصة تفاعل الحضارات الموجودة في المناطق التي وصل إليها الإسلام أثناء الفتوحات الإسلامية، فنحن فى هذه الايام في حاجة إلى الأمم الحديثة نستورد منها مستجدات العصر من تكنولوجيا الاتصالات، وما استحدث في عالم السفر والمواصلات، وما ظهر في عالم الطب والمعلومات.

 

ولكن اعلموا علم اليقين أن عندنا أغلى تكنولوجيا في الوجود يحتاج إليها العالم أجمع، ولا صلاح للعالم إلا بها، فلا صلاح له بتكنولوجيا صناعية، ولا بتنبؤات مستقبلية، ولا بغزوات فضائية، ولكن صلاح العالم بالأخلاق القرآنية، والقيم الإسلامية، والمبادئ النبوية، وهي التكنولوجيا الراقية التي لم يجدونها إلا عندكم جماعة المؤمنين، فتكنولوجيا الغرب والشرق تعلمهم الأثرة، وتعلمهم الأنانية، وتعلمهم التنافس والصراع، وتعلمهم العمل على إنشاء الصراعات والحروب ليروجوا أسلحتهم، ويبيعوا بضاعتهم، أما الأخلاق القرآنية، هى أخلاقكم الإسلامية من الحب والود والإيثار والإحسان، والرحمة واللين، والعفو والصفح والتسامح وما لا نهاية له من الأخلاق الكريمة هذه تكنولوجيا العالم كله يحتاج إليها.

 

ولم يجدها إلا في كنزكم القرآن الكريم، ولم يجدها إلا في معرضكم إذا تجملتم بها فأنتم معارض القيم الإلهية، وأنتم فترينات الأخلاق النبوية، وأنتم أسواق التعاملات السهلة السمحة الودية، والبشرية كلها تحتاج إلى من ينزع الأحقاد، وينزع الشرور، ويزيل فتيل البارود الذي في الصدور، ولن يكون ذلك إلا في نور الله، وفي نور كتاب الله، وفي نور رسول الله صلى الله عليه، وتصنف الحضارة الإسلامية إلى عدة أنواع، وهي حضارة التاريخ وتسمى أيضا حضارة الدول، وهي تلك التي جاءت بها الدول الإسلامية سعيا لرفع الشأن الإنساني وتقديم الخدمة له، وشملت المجالات الزراعية، والصناعية، والتعليم، وركزت على طبيعة العلاقة بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى.

 

وهناك الحضارة الإسلامية الأصيلة، وقد قام هذا النوع من الحضارات خصيصا لتقديم الخدمة للإنسان بكافة أشكالها، وتشمل على ما أتى به الدين الإسلامي من عقيدة وسياسة واقتصاد وتربية وقضاء، وهناك الحضارة المقتبسة ويطلق على هذا النوع مسمّى البعث والإحياء، ويعتبر قيام هذهالحضارة بمثابة خدمة كبيرة للبشرية، وتمثلت بقيام المسلمين بإحياء ما مات عبر السنين من علوم وحضارات، وتمثلت بالجوانب الأخلاقية، وتتمثل عوامل قيام الحضارة الانسانية بـأنها ركزت على التوحيد الخالص لله تعالى بعيدا عن الشركيات، فما ميز الحضارة الإسلامية أنها أعطت صورة نموذجية لتوحيد الله تعالى، ويظهر هذا الأمر من خلال مظاهر هذه الحضارة وآثارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى