مقال

نفحات إيمانية ومع أبو الحكم أمية بن أبى الصَّلت “جزء 1”

نفحات إيمانية ومع أبو الحكم أمية بن أبى الصَّلت “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

هو أشهر حنفاء العرب قبل الإسلام، أمية بن أبي الصَّلت الثقفي، ويكنى بأبو الحكم، وهو شاعر جاهلي وهو من رؤساء ثقيف، وثقيف هى قبيلة عربية تقيم منذ ما قبل الإسلام وإلى اليوم في مدينة الطائف وما حولها غرب شبه الجزيرة العربية وهي إحدى قبائل قيس عيلان المعروفة بِالقبائل القيسية، وقد اشتهر بالحنيفية والتوحيد وكان من الدعاة إلى نبذ الأصنام وتوحيد الإله، والحنيفية هي دين إبراهيم، الذي تنتسب إليه الأديان الإبراهيمية، وهو الاعتقاد عملا وقولا والإيمان بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو واحد ليس له شريك وهو لا إله غيره، وأن جميع العبادات القلبية الحسية من حب وخوف ورجاء والعبادات البدنية المادية الفعلية تصرف له من صلاة وزكاة ونحوهما.

 

وأن الرسل الذين جاءوا بالدعوة لله هم عباد لله ورسل منه يدعون لعبادته، ومن أشهر حنفاء العرب قبل الإسلام هو أمية بن أبي الصلت، وزيد بن عمرو بن نفيل و قس بن ساعدة، وذلك اقتداء بإبراهيم الخليل عليه السلام، وهو اول الحنفاء وسيد الحنفيين، ورأس الحنيفية، وكان على الحنيفية جميع الأنبياء من ذريته وأتباعهم، حتى زمن نبى الله عيسى بن مريم عليهما السلام، وهما من الحنيفية، فمن كف من اتباع نبى الله موسى عليه السلام، عن الإيمان بعيسى وسمى باليهودية، ولما جاء النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالقرآن الكريم وبالإسلام، فمن كف من اتباع نبى عيسى عليه السلام عن الإيمان بالإسلام وسمى بالمسيحية.

 

وأما عن أمية بن أبي الصلت فكان شاعر مخضرم من قبيلة ثقيف، التي كانت تسكن الطائف، وكان أبوه أيضا شاعرا، كما كانت له أخت تسمّى الفارعة، وبنتان وعدة أبناء بعضهم شعراء، وأخ اسمه هذيل، وقيل عن أميه بن الصلت أنه قد أسر وقتل مشركا في حصار الطائف، وهو من الحنفاء الذين ثاروا على عبادة الأصنام وآمنوا بالله الواحد واليوم الآخر، وأزعجهم التردّى الخُلقى، الذي كان شائعا في الجزيرة العربية، وتطلعوا إلى نبي يبعث من بين العرب، بل إنه هو بالذات كان يرجو أن يكون ذلك النبي، وكان أمية يخالط رجال الدين، ويقرأ كتبهم، ويقتبِس منها في أشعاره، وكان رجل أسفار وتجارة، كما كان يمدح بعض كبار القوم.

 

مثل عبدالله بن جدعان، وينال عطاياهم وينادمهم على الخمر، وإن قيل إنه قد حرّمها بعد ذلك على نفسه، وتجمع المصادر على أنه مات كافرا حسدا منه وبغيا، إذ ما إن بلغه مبعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى ترَك الطائف فارا إلى اليمن ومعه بنتاه اللتان تركهما هناك، وأخذ يجول في أرجاء الجزيرة ما بين اليمن والبحرين ومكة والشام والمدينة والطائف، وتذكر لنا الروايات مع ذلك أنه وفد على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ذات مرة وهو لا يزال في أم القرى واستمع منه إلى سورة يس، وأبدى تصديقه به مؤكدا لمن سأله من المشركين أنه على الحق، بيد أن حقده الدفين منعه من أن يُعلن دخوله في الإسلام رسميا وبصورة نهائية.

 

رغم أنه كما جاء في إحدى الروايات أنه كان قد اعتزم أن يذهب إلى المدينة للقاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مرة أخرى وإعلان دخوله في الدين الجديد، لكن الكفار خذلوه وأثاروا نار حقده على النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال تذكيره بأنه قتل أقاربه في بدر ورماهم في القليب، فما كان منه إلا أن عاد أدراجه بعد أن شق هدومه وبكى وعقر ناقته مثلما يصنع الجاهليون، ثم لم يكتف بهذا، بل رثى هؤلاء القتلى وأخذ يحرض المشركين على الثأر لهم منضما بذلك إلى جبهة الشرك والوثنية ضد الإسلام، وظل هكذا حتى لقي حتفه، على خلاف في السنة التي مات فيها ما بين الثانية للهجرة إلى التاسعة منها قبل فتح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الطائف بقليل، وهو الأرجح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى