مقال

نفحات إيمانية ومع سراف بن صُبح الأَزدي ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع سراف بن صُبح الأَزدي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع سراف بن صُبح الأَزدي، وقالوا وفد الأزد من دبا مقرين بالإسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث عليهم حذيفة بن اليمان الأزدى مصدقا، وكتب له فرائض صدقاتهم، فذكر الحديث في الردة وقتال عكرمة إياهم، وغلبته عليهم، وإرسال سبيهم إلى أبى بكر الصديق مع حذيفة، قال فحدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده، قال لما قدم سبي أهل دبا، وفيهم أبو صُفرة غلام لم يبلغ الحلم، فأنزلهم أبو بكر الصديق في دار رملة بنت الحارث، وهو يريد أن يقتل المقاتلة، فقال له عمر بن الخطاب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم مؤمنون، إنما شحوا على أموالهم، فقال انطلقوا إلى أى البلاد شئتم، فأنتم قوم أحرار، فخرجوا فنزلوا البصرة، فكان أبو صفرة والد المهلب فيمن نزل البصرة.

 

وقال أبو عمر، كان أبو صفرة مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفد عليه، ووفد على عمر بن الخطاب في عشرة من ولده، وكان المهلب أصغرهم، فجعل عمر بن الخطاب ينظر إليهم ويتوسم، ثم قال لأبى صفرة هذا سيد ولدك، وهو يومئذ أصغرهم، وقال عمر بن شبة فى أخبار البصرة أوفد عثمان بن أبى العاص وهو أمير البصرة أبا صفرة فى رجال من الأزد على عمر بن الخطاب، فسألهم عن أسمائهم، وسأل أبا صفرة، فقال أنا ظالم بن سارق، وكان أبيض الرأس واللحية، فأتاه وقد اختضب، فقال أنت أبو صفرة، فغلبت عليه الكنية، وقال ابن حجر العسقلانى، فهذا معارض لرواية الواقدى أنه كان لما وفد غلاما لم يبلغ الحلم، وقال الأصمعى في ديوان زياد الأعجم.

 

إن أبا صفرة سأل عثمان بن أبي العاص أن يقطعه فأقطعه خططا بالمهالبة، فقيل له إن هذا الرجل أقلف، فدعا به، فقال ويحك، أما تطهرت؟ قال والله يا أمير المؤمنين، إنى لأفعل ذلك خمس مرات في اليوم، قال إنما سألتك عن الختان، فقال والله، أعز الله الأمير، ما عرفت ذلك، فأمره فاختتن، قال وفي ذلك يقول زياد بن الأعجم ” اختتن القوم بعدما شمطوا واستعربوا بعد إذ هم عجم” وكان إنه هو المهلب بن أبى صفرة، وهو المهلب بن أبي صفرة الأزدى وكان مولده فى السنة الثامنه من الهجرة، وتوفى فى السنه الثانية والثمانين من الهجرة، وكانت كنيته أبو سعيد، وعن يحيى بن معين أنه قال المهلب بن أبي صفرة هو مهلب بن ظالم بن سارق، وجاء في طبقات ابن سعد أن المهلب كان من التابعين.

 

وقد ولد عام الفتح الذي كان سنة ثمان من الهجرة، وكان المهلب بن أبى صفرة يتمتع بكثير من الصفات الحميدة، والتى لا تتوفر فى كثير من الرجال، مثل الشجاعة والقدرة الفائقة على القتال وإدارة المعارك بكفاءة منقطعة النظير، فهو الذى مهد لفتح السند ومدينة خجندة على نهر سيحون بينها وبين سمرقند عشرة أيام وهو الذى استعاد منطقة الختل وقد ظل يحارب الخوارج طيلة تسعة عشر سنة ولم يقضى على شوكتهم غيره،ولقد كان من صفاته الكرم، فقد كان من أكرم أهل زمانه والأمثلة على ذلك كثيره منه، أنه أقبل يوما من احدى غزواته فتلقته امرأة فقالت له أيها الأمير إنى نذرت إن أنت أقبلت سالما أن أصوم شهرا وتهب لى جارية وألف درهم فضحك المهلب وقال.

 

قد وفينا نذرك فلا تعودى لمثلها فليس كل أحد يفى لك به، ووقف له رجل فقال أريد منك حويجه وهى تصغير حاجة فقال المهلب اطلب لها رجيلا تصغير رجل يعنى أن مثلى لا يسأل إلا حاجة عظيمة، وكان المهلب يوصى خدمه أن يقللوا من الماء ويكثروا من الطعام عندما يكون ضيوفه على خوانه حتى لا يملأ الضيوف بطونهم بالماء وحتى يملأها من الطعام، ولقد كان من صفاته أيضا الحلم، فكان رضى الله عنه من أحلم الناس، ومن أخبار حلمه، أنه مر يوما بالبصرة، فسمع أحد يقول هذا الأعور قد ساد الناس، ولو خرج إلى السوق لا يساوي أكثر من مائة درهم، فبعث إليه المهلب بمائة درهم وقال لو زدتنا فى الثمن زدناك فى العطية وكان قد فقئت عينه بسمرقند.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى