مقال

نفحات إيمانية ومع عبد الله بن مغفل المزني ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع عبد الله بن مغفل المزني ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع عبد الله بن مغفل المزني، وهو أول من دخل من باب مدينة تستر، وقيل عن عبد الله بن مغفل أنه شملته الآية من سورة التوبة التى قال تعالى فيها “ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم” وقد قيل عنه أنه كان من جملة البكائين الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قبل غزوة تبوك، فقالوا يا نبي الله إن الله عز وجل، قد ندبنا للخروج معك، فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزو معك، فقال صلى الله عليه وسلم، لا أجد? ما أحملكم عليه، فتولوا وهم يبكون، فنزلت فيهم الآية فى سورة التوبه .

 

“ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون” وقد قيل أنه كان لعبد الله بن المغفل سبعة من الذكور ولم يكن أحد منهم اسمه محمد، وقد قال محمد بن عمر، وكانت وفاته في آخر خلافة معاوية بن أبى سفيان وقد مات بالبصرة سنة تسعه وخمسين من الهجره، وقال مسدد، أنه مات سنة ستين من الهجره، فأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي، فصلى عليه، وقيل أيضا أنه مات سنة إحدى وستين من الهجره، وقيل أنه لما كان المرض الذي مات فيه أوصى أهله فقال، لهم لاَ يليني إلا أصحابي، ولا يصلي على بن زياد، فلما مات أرسلوا إلى أَبِي برزه الأسلمى، وإلى عائذ بن عمرو، وإلى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالبصرة.

 

فولوا غسله وتكفينه، وقال، فما زادوا على أن طووا أيدي قمصهم ودسوا قمصهم في حجزهم، ثم غسلوه وكفنوه، ثم لم يزد القوم على أن توضئوا، فلما أخرجوه من داره إذا ابن زياد في موكبه بالباب، فقيل له إنه قد أوصى أن لا تصلي عليه، قال، فسار معه حتى بلغ حدّ البيضاء، فمال إلى البيضاء وتركه، وقال عن بكر بن عبد الله المُزني، قال أوصى عبد الله بن المغفل عند موته لا تتبعوني صوتا ولا تدنوا مني نارا ولا ترجموني بالحجارة، وقال أبو الأشهب، يعني ما يركم على قبره من الحجارة، وعن الحسن، قال عبد الله بن المغفل المزنى، أحد الذين بعثهم عمر بن الخطاب إلى أهل البصرة يفقهونهم، فدخل عليه عبيد الله بن زياد يعوده فقال أَعهد إلينا أبا زياد فإن الله كان ينفعنا بك، قال فهل أنت فاعل ما آمرك به؟

 

قال نعم، قال فإني أطلب إليك إذا أنا مُت أن لا تصلي عليّ، وأن تخلي بيني وبين بقية أصحابي فيكونون هم الذين يلوني ويُصلون عليّ، قال فركب في اليوم الذي مات فيه، فإذا كل طريق قد ضاق بأهله، فقال ما بال الناس؟ فقالوا، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفى عبد الله بن المغفل، قال، فوقف دابته حتى أخرج به ثم قال لولا أنه طلب إلينا شيئا فأطلبناه إياه لسرنا معه وصلينا عليه، وكان الذى صلى على جنازة عبد الله بن المغفل هو أبو برزة الأسلمي، وهو الصحابي نضلة بن عبيد بن الحارث بن حبال بن ربيعة بن دعبل بن أنس بن خزيمة بن مالك بن سلمان بن أسلم بن أفصى الأسلمي، وقيل هو نضلة بن عبد الله بن الحارث، وقيل هو عبد الله بن نضلة، وقد أسلم قديما، وشهد فتح خيبر، وفتح مكة، وحنينا.

 

 

 

وسكن البصرة، وولده بها، وغزا خراسان، ومات بها أيام يزيد بن معاوية، أو في آخر أيام معاوية بن أابى سفيان، وكان يهتم بإطعام الفقراء والمساكين واشتهر بكنيته أبو برزه الأسلمى، وهكذا هى نهاية الدنيا، وهى الحقيقه الواضحه وهى الموت ولكن يجب علينا أن نتذكر، ليلتان اثنتان يجعلهما كل مسلم في ذاكرته، ليلةٌ في بيته، مع أهله وأطفاله، منعما سعيدا، في عيش رغيد، وفي صحة وعافية، ويضاحك أولاده ويضاحكونه، والليلة التي تليها، بينما الإنسان يجر ثياب صحته منتفعا بنعمة العافية، فرحا بقوته وشبابه، إذ هجم عليه المرض، وجاءه الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرج، فبدأ يفكر في عمر أفناه، وشباب أضاعه، ويتذكر أموالا جمعها، ودورا بناها، ويتألم لدنيا يفارقها، وذرية ضعاف يخشى عليهم الضياع من بعده، وقد استفحل الداء، وفشل الدواء، وحار الطبيب، ويئس الحبيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى