مقال

نفحات إيمانية ومع عبد الله بن حُذافة السهمي “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع عبد الله بن حُذافة السهمي “جزء 2”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع عبد الله بن حُذافة السهمي، ودعا عظماء الفرس ليكونوا في المجلس، وعند انتهائهم من تجهيزات الإستقبال سمحوا لأبي حذافة بالدخول، ودخل أبو حذافة قاعة المجلس مرفوع الرأس واثقا في خطاه فنظر إليه كسرى نظرة احتقار، وذلك لأنه رآه مرتديا عباءة قديمة ويظهر عليه بساطة أعراب البادية، فأشار إلى أحد جنوده أن يحمل الرسالة، إلا أن أبي حذافة أبى ذلك وأصر أن يسلمها للملك بيده، وعند تسليمها أمر كسرى أحد الكتبة الذين يجيدون العربية أن يقرأها له، وما إن سمع كسرى أن محمد قد بدأ بنفسه قبل إسمه غضب وأخذ يمزق الرسالة دون أن يعلم ما مضمونها، وأمر أبو حذافة بالخروج، فخرج وعاد إلى يثرب، وعندما عاد كسرى إلى رشده.

 

أمر جنوده بجلب أبي حذافة عنده فلم يجدوه، وعند وصول أبو حذافة عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره ما حدث معه من تمزيق كسرى للرسالة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” مزّق الله مُلكه ” وكتب كسرى إلى نائبه في اليمن باذان، رسالة، وهو أن يبعث رجلين قويين إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وأن يحضراه إليه، فبعث باذان، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رسالة مع رجلين قويين يأمره بها أن يذهب معهما فورا للقاء الملك كسرى، فعند وصول الرجلين عند النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهما ” ارجعا إلى رحالكما اليوم وائتياني في الغد ” وفي اليوم التالي جاء الرجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، أن كسرى قد مات على يد إبنه شيرويه.

 

فعادا الرجلين إلى باذان، وأخبراه بما حصل، وبعد بضعة أيام وصلت رسالة إلى باذان أن شيرويه قد تولى الحكم فأعلن باذان إسلامه، وقد كانت أهم ملامح شخصية عبد الله بن حذافه، هى قوة عزيمة عبد الله بن حذافة وثباته على الدين الإسلامي أمام كل الفتن، فعن أبي رافع قال وجه عمر بن الخطاب، جيشا إلى الروم، لمحاربة الروم لفتح بلاد الشام، وأثناء الحرب وقع أسرى من المسلمين في يد الروم وكان من بينهم عبد الله بن حذافة، وكان لدى قيصر ملك الروم علم بما يتحلى به المسلمون من استرخاص النفس في سبيل الله، فأمر جنوده بجلب الأسرى عنده، إذ أراد أن يختبرهم، وكان من ضمنهم أبو حذافة، فنظر إليه طويلا ثم عرض عليه أمرين إما الموت وإما أن يتنصر ويُخلى عن سبيله.

 

فاختار أبو حذافة الموت على أن يغير دينه فغضب الملك، وأمر جنوده بصلب عبد الله ورميه بالرماح لإخافته وليرجع عن دينه، إلا أن أبي حذافة بثباته وإصراره أمر جنوده يتركوه، وأمرهم بجلب قدر عظيم صُبَّ فيه الزيت ورُفع على النار حتى غلي، ثم دعا بأسيرين من أسرى المسلمين وأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فألقي، فإذا لحمه يتفتت وعظامه تطفو على السطح، ثم التفت قيصر إلى أبي حذافة وعرض عليه النصرانية مرة أخرة إلا أنه رفض فأمر قيصر جنوده أن يُلقوه في القدر، فوقف عبد الله ينظر إلى القدر وعيناه تدمعان، وعندما رآه قيصر على هذه الحال صرخ بجنوده أن يأتوه به لعله يكون قد جزع وخاف من الموت، إلا أن أبو حذافة قال.

 

” والله ما أبكاني إلا أني كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر أنفس فتلقى كلها في هذه القدر في سبيل الله ” فعجب قيصر من شجاعته وقال ” أتقبِل رأسى وأخلى سبيلك؟ فرد عليه عبد الله بن حذافه ” عنى وعن جميع الأسرى المسلمين؟ فوافق ثم دنا أبو حذافة منه وقبَّل رأسه، فأمر قيصر بإخلاء سبيل جميع أسرى المسلمين، وعندما عاد أبو حذافة مع الأسرى إلى المدينة المنورة سُرَّ بذلك الخليفة عمر بن الخطاب بلقائهم وعند علمه بالقصة قال ” حق على كل مسلم أن يُقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ ” وقد كان عبد الله بن حذافه، مشهورا عنه روح الدعابة العالية، فيروي عبد الله بن وهب عن الليث عن سعد قال بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى