مقال

نفحات إيمانية ومع العالم والصراع على الهوية ” جزء 7″

نفحات إيمانية ومع العالم والصراع على الهوية ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء السابع مع العالم والصراع على الهوية، وقد حدث في كثير من البلدان الإسلامية كذلك، إلا أن مصر لمكانتها الثقافية لاقت من عناية الأعداء وحرصهم على السيطرة عليها وبالأخص السيطرة الثقافية ما لم تلقَه دولة أخرى، وترتب على ذلك فقدان مصر سيادتها، وسقطت أمام البريطانيين، ومنذ أن سيطر الخبراء الغربيون وطلابهم من التغريبيين على مقاليد البلاد الإسلامية، وبالأخص في الناحية الثقافية، فقد حرصوا على إخراج أجيال لا تعرف دينها، ولا تعتز بالانتماء إلى عقيدتها ولغتها ووطنها، ولا تعتز بتاريخها وتراثها، هذا ولما كان للهوية الإسلامية خمسة أركان، وهي الدين، اللغة، الأخلاق، التاريخ، التراث.

 

فقد اجتهد الأعداء في السعي لطمس هذه الأركان، كي يطمسوا هوية الأمة ومشخصاتها بين الأمم، ولقد سعى أعداء الإسلام لهدم أركان العملية التعليمية في بلاد الإسلام، وقد اتخذوا لذلك عدة خطوات، من أهمها هو السعي لهدم المنهج الدراسي وتفريغه من مضامينه الإسلامية، حيث اتخذ الأعداء عدة وسائل منذ سيطرة الغرب على عالمنا الإسلامي، لتفريغ المنهج الدراسي من مضامينه وقيمه الإسلامية، وكان من أهم هذه الوسائل هو تجهيل العلم بإبعاده عن الله أو تلحيده بمعنى أصح، وكانت هذه الخطوة من الأساسيات التي سعى أعداء الإسلام لتحقيقها في عالمنا الإسلامي، كما حقّقوه في بلادهم، فالمعروف أنه منذ بعث الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

 

والعلم في الإسلام يرتبط ارتباطا وثيقا بالإيمان والعقيدة والأخلاق، وفي عالمنا الإسلامي لا تعرف الأمة في ظل الإسلام ذلك الخصام الذي وقع بين رجال الدين وعلماء الكونيات في الغرب، فعالم الدين عندنا هو عالم فلك ورياضيات وطب وغير ذلك، ومما لا شك فيه أن هذا الارتباط بين الدين والعلم هو عامل دفع للأمام وتوافق وانسجام في شخصية المسلم إذ عدم الارتباط بين الدين والعلم يحدث في نفس الإنسان ما يشبه الانفصام بين عقيدته وأبحاثه، ومثل هذا لا يتأتى منه عمل نافع، ومن هنا بدأ الأعداء يفصلون العلوم والمناهج عن الدين، حتى وصل الأمر ببعض العملاء أن جعل دراسة اللغة من أجل الدين سببا من أسباب ابتذالها.

 

وبدأت النظريات الإلحادية تتطرق إلى المناهج الدراسية، وكان من هذا القبيل هو تدريس نظرية دارون القائلة بتسلسل الإنسان في نشأته من كائنات دنيا حتى صار قردا، ثم بالارتقاء مع الزمن وصل إلى إنسان، والعجيب أن تدرّس هذه الخرافات المضادة للدين، وهي مغلفة بستار زائف من البحث العلمي، فهل إذا درس التلميذ هذه النظرية تحت اسم البحث العلمي، هل تظل عقليته راسخة؟ أم أنه يبدأ في التشكك في صحة النصوص الدينية؟ وأصبح الآن تعليم الليث الإسلامي جفلة الظبي، ومحو قصة أسد الإسلام من العلماء والزهاد والمجاهدين من تاريخ القرون الفاضلة الأولى لهذه الأمة المجاهدة، وأنتجت خطط التربية ذلك الظبي الجفول، الذي لم يعد يقتحم.

 

واستبدل التلفت بالعزم، وتعلم المسارعة إلى الهرب، إنهم هذا الجيل من أبناء المسلمين، شبل أسد تحول إلى ظبي وديع، وحر استرقوه ففرح” إنه التخطيط الخبيث الساعي إلى قتل الرجولة، وحب التميز في أبناء الأمة، وقيل عن خطورة هذه المدارس والكليات والمناهج التي أعدها الأعداء لقتل رجولة أبناء الأمة، يا لبلادة فرعون الذي لم يصل تفكيره إلى تأسيس الكليات، وقد كان ذلك أسهل طريق لقتل الأولاد، ولو فعل ذلك لم يلحقه العار وسوء الأحدوثة في التاريخ، وحتى تسير الخطة في خطواتها المرسومة دون تعثر، لا بد من تمكين صنائع المستعمرين من دعاة التغريب من مراكز التوجيه الثقافي، وفي المقابل إبعاد كل مستعصى على الترويض متنزه عن العمالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى