مقال

موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 3″

موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع موقف الشرع من زواج الشغار، فكتب أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهم،

وقال في كتابه “هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، توضح معنى الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح هذا النكاح ولا تخرجه عن كونه شغارا لأن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا، ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه، إلى هذه التسمية، بل أمر بالتفريق بين كل من الزوجين، وقال “هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، من نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم جميعا، وهذا الذي ينبغي التنبه إليه في مسألة الشغار الذي قد يخفى على كثير من المسلمين وضوح إِشكاله من حيث القصد والنية فيه، وزواج الشغار، هو زواج البدل بشروط من غير مهر، وينبغي أن يلاحظ في المستقبل بأن لا يعقد نكاحا فيه مبادلة، سواء ذكر فيه مهرا أم لا، لقوة القول بفساده، لما فيه من فساد عظيم، لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه، إيثارا لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء، وهذا، كما لا يخفى أنه لا يجوز، لأنه يؤدي أيضا إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين غالب الناس المتعاطين لهذا الأمر.

 

كما أنه يفضي إلى كثير من النزاع والخصومات بعد الزواج، وإن الذي ينبغي التنبه إليه في مسألة الشغار الذي قد يخفى على كثير من المسلمين وضوح إِشكاله من حيث القصد والنية فيه، ومن حيث الحكمة في تحريمه أيضا، والتي هي خافية أيضا على الغالبية العظمى، وإن من المسائل المنكرة في النكاح ما يفعله بعض الناس في إجبار ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو من له ولاية عليها على الزواج ممن لا ترضى بنكاحه، وذلك منكر ظاهر وظلم للنساء، لا يجوز للأب ولا لغيره من الأولياء أن يفعله ويقدم عليه، لما فيه من الظلم الواضح للنساء ومخالفة السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في النهي عن تزويج النساء إلا بإذنهن.

 

وقد ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن” وقالوا، يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال صلى الله عليه وسلم “أن تسكت” وفي صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال “والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها، صماتها” وإنه يُستثنى من هذا تزويج الأب فقط لابنته التي لم تبلغ تسع سنين بالكفء إذا رأى المصلحة لها في ذلك بغير إذنها، لكونها لا تدرك مصالحها إذا كان ذلك فعلا في مصلحتها وليس ذلك لأحد ممن له ولاية عليها إلا للأب، مع أن بعض الآباء ممن لا يقدرون مصالح بناتهم ليس لهم تزويج بناتهم في هذه السن ولا في غيره بغير إذنهن.

 

حيث هم داخلون في عموم الأحاديث السابقة، أما الأَب المقدر والمحترم مصالح بناته فإن له ذلك، بدليل تزويج أبى بكر الصديق رضي الله عنه، ابنته السيدة عائشة رضي الله عنها، للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين ولم يدخل بها الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا في التاسعة من عمرها رضي الله عنها وعن والديها، وقد جاء في الصحيحين مما روته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها وهي بنت ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعا، وإن من الأمور والمسائل المنكرة ما يفعله بعض الناس في الحاضرة والبادية من حَجر بنت العم ومنعها من الزواج بغير ابن عمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى