مقال

الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة التراويح “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة التراويح “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن قيام الليل هو شعار الصالحين، ودأب المتقين، ومن صفات عباد الرحمن المخلصين، وقيام الليل لا يعتاده إلا الصالحون، الذين يحبون أن يتقربوا من ربهم سبخانه وتعالى، بسائر النوافل، ومن أهم هذه النوافل هو إحياء الليل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والاستغفار، وإن ليالي شهر رمضان المبارك هى باب عظيم من أبواب القربات والتنافس في الخيرات، وإن إحياء هذه الليالي في أعمال البر والخير لهو عمل جليل يثاب عليه العباد، ولقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم، في قيام شهر رمضان بالقول وبالفعل، وقد خرج صلى الله عليه وسلم، على أصحابه أول ليلة من شهر رمضان وصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون، فاجتمع أكثرهم في الليلة الثانية، ثم في الليلة الثالثة، واجتمع أكثر من الثانية، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله.

 

فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، لأصحابه في صلاة الفجر، وقال لهم ” لم يخف عليّ مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ” رواه البخاري، وتعرف صلاة التراويح بأنها صلاة قيام الليل التي تؤدى في شهر رمضان، وسميت التراويح بهذا الاسم، لأن الصحابة رضي الله عنهم، كانوا يجلسون للاستراحة بعد كل أربع ركعات منها، وقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، معهم ثلاثة أيام، ثم تركها، خشية أن تفرض عليهم، وصلاة التراويح حكمها هو سنة مؤكدة للرجال والنساء وتؤدى في كل ليلة من ليالي شهر رمضان الكريم، بعد صلاة العشاء ويستمر وقتها إلى قبيل الفجر، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم، على قيام رمضان فقال ” من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ”

 

وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جماعة ثم ترك الاجتماع عليها، مخافة أن تفرض على أمته، كما ذكرت ذلك عنه أم المؤمنين السيده عائشة رضى الله عنها، والتراويح جمع ترويحة، وسميت بذلك لأنهم كانوا أول ما اجتمعوا عليها يستريحون بين كل تسليمتين، كما قال الحافظ ابن حجر، ويرى جمهور الفقهاء أن صلاة التراويح تؤدى ركعتين ركعتين، لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” صلاة الليل مثنى مثنى ” وقد اختلفوا في جواز صلاتها دون السلام بين كل ركعتين، فذهب الحنفية إلى جواز صلاة التراويح كاملة بتسليمة واحدة، في حين رأى الشافعية بُطلان صلاة من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة إن كان فعل ذلك متعمدا، وكذلك اعتبر الحنابلة أن من قام بعد الركعة الثانية عليه أن يرجع ليُسلم، فإن لم يفعل بطلت صلاته.

 

ويرى المالكية أنه يندب للمصلي السلام بعد كل ركعتين، ويكره السلام بعد كل أربع ركعات، وكما يشرع جلوس الإمام للاستراحة بعد كل أربع ركعات منها، ليفسح المجال للناس لشرب الماء، أو غيره، وتجوز لهم قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات في كل استراحة، وقد وردت كيفية الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة رضي الله عنهم، ومن جاء بعدهم من التابعين، فالمسلم يبدأ بالطهارة، وستر عورته، ثم يستقبل القبلة بوجهه، ويتوجه إلى الله سبحانه وتعالى، بقلبه مخلصا عمله له، ثم يبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام، فيقولها بلسانه الله أكبر، ثم يقرأ بسورة الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسر له من القرآن الكريم، ثم يركع حتى يطمئن في ركوعه، ثم يرفع من الركوع حتى يطمئن وهو قائم، ثم يسجد على أعضائه السبعة.

 

وهي اليدين، والرجلين، والركبتين، والوجه، ثم يرفع من سجوده، ثم يسجد مرة أخرى، وبعد الانتهاء من السجدة الثانية يكون قد أنهى الركعة الأولى، ثم يقوم للركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الركعة الأولى، وفي آخر الصلاة يجلس للتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء من الدعاء، ثم يسلم عن يمينه وشماله ممن بجانبه من الملائكة والناس، ويجب علينا أن نعلم أن قيام رمضان في جماعة مشروع وهو سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يداوم عليه خشية أن يفرض، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة.

 

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلي بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمر على ذلك” ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم، فمن فرضها أحياء لهذه السنة هو عمر بن الخطاب، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال ” خرجت مع عمر بن الخطاب، ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر بن الخطاب ” إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى