مقال

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 4″

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع أن اشكر لى ولوالديك، ومما يهمنا الآن أن ننبه عليه في هذه الأيام هو اتباعهم ومشابهتم في ابتداع عيد الأم أو عيد الأسرة، وهو اليوم الذي ابتدعه النصارى تكريما في زعمهم للأم ، فصار يوما معظما تعطل فيه الدوائر ويصل فيه الناس أمهاتهم ويبعثون لهن الهدايا والرسائل الرقيقة، فإذا انتهى اليوم عادت الأمور لما كانت عليه من القطيعة والعقوق، والعجيب إن من المسلمين أن يحتاجوا لمثل هذه المشابهة وقد أوجب الله تعالى عليهم بر الأم وحرّم عليهم عقوقها وجعل الجزاء على ذلك أرفع الدرجات، ولقد خص الله سبحانه وتعالى الأم بأمور ثلاثة، فقال القرطبي أن المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة، وقال عياض وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب.

وقيل يكون برهما سواء، ونقله بعضهم عن مالك والصواب الأول، بل وحتى الأم المشركة فإن الشرع المطهر الحكيم رغّب بوصلها، فعن السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت عليّ أمى وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال صلى الله عليه وسلم نعم صِلى أمك” رواه البخارى، وإن المتتبع لأحوال الأسرة عموما وللأم خاصة في المجتمعات الغير إسلامية ليسمع ويقرأ عجبا، فلا تكاد تجد أسرة متكاملة يصل أفرادها بعضهم بعضا فضلا عن لقاءات تحدث بينهم وفضلا عن اجتماع دائم، وكما قال بعض المشاهدين لبلاد الكفر إنك قد تجد في الأسواق أو الطرقات أما وابنها أو ابنتها، أو أبا وابنه وابنته.

لكنه من النادر أن تجد الأسرة كاملة تتسوق أو تمشي في الطرقات، وعندما يصير الأب أو الأم في حالة الكِبر يسارع البار، بهما إلى وضعهما في دور العجزة والمسنين، وقد ذهب بعض المسلمين إلى بعض تلك الدور وسأل عشرة من المسنين عن أمنيته، فكلهم قالوا الموت، وما ذلك إلى بسبب ما يعيشه الواحد منهم من قهر وحزن وأسى على الحال التى وصل الواحد منهم إليها وتخلى عنهم فلذات أكبادهم في وقت أحوج ما يكون الواحد إليهم، وهكذا فإن الاحتفال بعيد الأم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، وكذلك أسلوب الاحتفال به، فالنرويج تقيمه فى الأحد الثاني من فبراير، أما في الأرجنتين فهو يوم الأحد الثانى من أكتوبر، وفي لبنان يكون اليوم الأول من فصل الربيع، وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم الأحد الأول من مايو.

وأما في فرنسا فيكون الاحتفال أكثر بالعيد كعيد الأسرة في يوم الأحد الأخير من مايو حيث يجتمع أفراد الأسرة للعشاء معا ثم تقدم كيكة للأم، والسويد أيضا عندها عطلة عيد الأسرة في الأحد الأخير من مايو وقبلها بأيام يقوم الصليب الأحمر السويدي ببيع وردات صغيرة من البلاستيك تقدم حصيلتها للأمهات اللاتي يكن في عطلة لرعاية أطفالهن، وفي اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من مايو مثل أمريكا الشمالية وفيه يتم عرض صور رسمها أطفال بين السادسة والرابعة عشرة من عمرهم وتدخل ضمن معرض متجول يحمل اسم “أمي” ويتم نقله كل أربعة سنوات يتجول المعرض في عديد من الدول، ويزعم بعض المؤرخين أن عيد الأم كان قد بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم “ريا” زوجة “كرونس” الإله الأب.

وفي روما القديمة كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات كان لعبادة أو تبجيل “سيبل” أم أخرى للآلهة، وقد بدأت الأخيرة حوالى مائتان وخمسون سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام وهذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى “هيلاريا” وتستمر لثلاثة أيام من اليوم الخامس عشر إلى اليوم الثامن عشر مارس، وأيضا يوم الأحد في إنجلترا وهو يوم شبيه باحتفالات عيد الأم الحالية، ولكنه كان يسمى أحد الأمهات، أو أحد نصف الصوم، لأنه كان يُقام في فترة الصوم الكبير عندهم، والبعض يقول إن الاحتفالات التي كانت تقام لعبادة وتكريم ” سيبل” الرومانية بُدلت من قبل الكنيسة باحتفالات لتوقير وتبجيل مريم عليها السلام، وهذه العادة بدأت بحث الأفراد على زيارة الكنيسة التابعين لها والكنيسة الأم محملين بالقرابين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى