مقال

شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج ” جزء 3″

شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج، كما قيل حسنات الأبرار سيئات المقربين، وعن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان” ولقد سجلت كتب السير وكتب السنة بل القرآن العظيم هذه الآية العظيمة وهى الإسراء والمعراج فلم يسجل لها تاريخ معين ولم يعرف في أي يوم، ولا أي شهر ولا أي عام تم الإسراء والمعراج ولم يرد في السنة تخصيص يوم أو ليلة للاحتفـال بها، فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم جاهلا بفضلها؟ أعوذ بالله من ذلك، وأما السؤال الثاني فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم فضل هذه الليلة.

 

ولكنه كتم هذا الأمر ولم يخبر الأمة به؟ وأيضا نعوذ بالله تعالى أن نقول على الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول، ولو كان هناك ذكر أو عبادة معينة في يوم أو ليلة الإسراء والمعراج لقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وحض عليه مثل ما حض على قيام ليلة القدر أو العشر الأواخر من رمضان أو العشر الأول من شهر ذي الحجة أو صيام الأيام البيض أوصيام الاثنين والخميس أو غير ذلك مما هو مسجل في كتب السنة النبوية، وكما قرر علماؤنا في مثل هذه المناسبات أن العبادات توقيفية فلا تشرع إلا بدليل صحيح صريح يثبت بمشروعيتها، فإن المسلم الطالب للخير والثواب يبحث عنه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، ففي القرآن الكريم قوله تعالى كما جاء فى سورة الحشر ” وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهامن عنه فانتهوا”

 

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع “وإني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي” وليعلم العبد المسلم أنه والله لو أراد الخير والتمسك بالطاعات فإنها كثيرة فلا داعي للزيادة على ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنقم بما أمرنا به ومن فعل ذلك فقد ضمن له الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وعلينا أن نتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعض أهل العلم أن السنة سفينة نوح من تمسك بها نجا، فماذا يريد المسلم إلا النجاة؟ وإن رحلةالإسراء والمعراج من الأحداث الضخمة من تاريخ الدعوة الإسلامية، ولقد سبقته البعثة المحمدية وجاء هذا الحادث قبل الهجرة، وهي حادثة جرت في منتصف فترة الرسالة الإسلامية ما بين السنة الحادية عشرة إلى السنة الثانية عشرة.

 

منذ أن أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قد أرسل إليه أمين الوحى جبريل عليه السلام ليكلفه برسالة دينية يبلغها إلى قبيلته قريش ومن ثم إلى البشرية جمعاء، وأن رسالته متمة وخاتمة للرسالات السماوية السابقة، ويعد حدث الإسراء هى الرحلة التي أرسل الله تعالى بها نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على البراق مع أمين الوحى جبريل عليه السلام ليلا من بلده مكة المكرمه من المسجد الحرام إلى بيت المقدس في فلسطين، وهي رحلة استهجنت قبيلة قريش حدوثها لدرجة أن بعضهم صار يصفق ويصفر مستهزئا، ولكن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصر على تأكيدها وأنه انتقل بعد ذلك من القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل عليه السلام على دابة تسمى البراق وعرج به صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى عند سدرة المنتهى.

 

أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في السماء وعاد بعد ذلك صلى الله عليه وسلم في نفس الليلة، ومن هنا يقول الله تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” ولقد تكالبت الأحزان على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وزادت عليه همومه وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب في عام واحد، فالسيدة خديجة رضى الله عنها كانت خير ناصر ومعين له بعد الله سبحانه وتعالى، وعمه كان يحوطه ويحميه، ويحبه أشد الحب، وضاعف من حزنه صلى الله عليه وسلم أنه مات كافرا، وتستغل قريش غياب أبي طالب فتزيد من إيذائها للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتضيق عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى