مقال

يأجوج ومأجوج وذى القرنين ..قصة وعبر بقلم /أشرف فوزى.

يأجوج ومأجوج وذى القرنين ..قصة وعبر
بقلم /أشرف فوزى.

 

ورد ذكر قصة يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم؛ بأنهم قوم مفسدون في الأرض، فمن هم يأجوج ومأجوج؟

اختلف المفسرون والعلماء في كل من يأجوج ومأجوج وذي القرنين، وغير معلوم هل يأجوج ومأجوج سلالة بشرية أم ضرب من الخلائق لهم أصول مختلفة؟ وهل مدلول الآيات رمزي أم حرفي؟

قال تعالى: ((قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا)).

من هم يأجوج ومأجوج؟

إن يأجوج ومأجوج قبيلتان من بني آدم، وهم من ذرية يافث بن نوح عليه السلام، كانوا متوحشتين احترفوا الإغارة والسلب والنهب والقتل والظلم من قديم الزمان، وكانوا يقطنون الجزء الشمالي من قارة آسيا، شمالا وغالب كتب التاريخ تشير إلى أنهم منغوليون تتريون، وأن موطنهم يمتد من التبت والصين جنوبا إلى المحيط المتجمد الشمالي، وأنهم عاصروا قورش الذي بنى سد دانيال.

كما ذُكِرَ أنهم مروا في إفسادهم في الأرض بسبعة أدوار، كانت بدايتها قبل (٥آلاف سنة) وآخرها: هجوم جنكيزخان على الحضارة الإسلامية، فهم أسلافه.

وقد ذكر بعض المؤرخين حكايات غريبة عن يأجوج ومأجوج، والصحيح أنهم كبقية بني آدم في الطول والقصر وغير ذلك.

وقد بنى الصينيون سورهم العظيم لحماية أنفسهم من هجمات القبائل المغولية التي لا زالت تقطن في شمال الصين وشمال غربه إلى الآن، وقد احتلوا الصين فترة من الزمن كما هو معروف.

وهذا يدل على أن يأجوج ومأجوج ليسوا هم الصينيين، ولكن ذلك لا ينافي تكاثر قبيلتي يأجوج ومأجوج واستيلائهما على الصين وغيرها من البلدان المجاورة في آخر الزمان، ويكون خروجهم جميعا وفسادهم الأخير في الأرض عند نزول عيسى عليه السلام، ويكون الصينيون وغيرهم معهم، ويكون إطلاق يأجوج ومأجوج على الجميع من باب التغليب، إما لكثرتهم وغلبتهم على سواهم، وإما لكونهم القادة عندئذ، وهذا أسلوب معروف في اللغة العربية، هذا مع العلم أن كثيرا من التتر والمنغول – الذين هم أصل يأجوج ومأجوج – أصبحوا من قوميات الصين الآن.

من هم الذين شكوا إلى ذي القرنين من إفساد يأجوج ومأجوج؟

أما القبائل التي استنجدت بذي القرنين لحمايتهم من يأجوج ومأجوج، فقد أشار القرآن الكريم إلى أنهم في جهة مشرق الشمس، وأنهم ضعفاء متأخرون في الحضارة، إذ لم يكن لهم من البنيان ما يسترهم من وهج الشمس، وأنهم لا يكادون يفقهون ما يقال لهم؛ ولكن الله هيأ لذي القرنين من الأسباب ما يجعلهم يفقهون عنه ويفقه عنهم.

من هو ذو القرنين
ذو القرنين المذكور في سورة الكهف في قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ) الكهف ٨٣كان ملكًا من ملوك الأرض وعبدًا صالحًا مسلمًا، طاف الأرض يدعو إلى الإسلام، فنشر الإسلام وقمع الكفر وأهله وأعان المظلوم وأقام العدل.

قال إللى تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ﴾[سورة الكهف: ٩٣]

وجد قوماً ضعافاً، لا يستطيعون حيلة، لا يستطيعون حماية أنفسهم، لا يملكون من العلم ولا من أسباب القوة ما يمكنهم من حماية أنفسهم. إن مهمة الممكن في الأرض أن يقف إلى جانب الضعيف، لا أن يقف بجانب الضعيف لينصره كل مرة، دققوا ؛ ليعطيه أسباب القوة، لينتصر دائماً.. مهمة الممكن في الأرض أن يقف إلى جانب الفقير لا ليطعمه كل مرة، بل ليمكنه من أسباب الرزق. يكاد يكون المغزى الدقيق ما قاله بعضهم: لا تطعمني سمكةً، ولكن علمني كيف أصطاد السمك… إنك إن أطعمتني سمكةً أكلتها وبقيت جائعاً، أما إن علمتني كيف أصطاد السمك فمكنتني من أسباب الرزق.

من يسعى إلى إفساد البشر و أخلاقهم مثله كمثل يأجوج ومأجوج :
هؤلاء قالوا: يا ذا القرنين، هؤلاء القوم الضعاف الفقراء وجدوا في ذي القرنين القوة، وجدوا فيه العلم، وجدوا فيه العدل، فاستنجدوا به ليحميهم من قوم ظالمين فاسدين في الأرض، قالوا:

﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ﴾[سورة الكهف: ٩٤]
ما أكثر الأقوام التي تفسد في الأرض.. أعداؤنا الألداء، مهمتهم الأولى الإفساد في الأرض، إفساد العلاقات، إفساد المثل، إفساد القيم، إفساد الحياة، إفساد الاقتصاد:
﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾[سورة الكهف: ٩٤]
أي قوم يسعون إلى إفساد البشر، إلى إفساد أخلاقهم، إلى إفساد علاقاتهم، إلى إفساد قيمهم، هم يأجوج ومأجوج، نموذج متكرر.. إن أقوام يأجوج ومأجوج كثيرون في الأرض، هذا الذي يسعى لأن يبني مجده على أنقاض الآخرين، يسعى لأن يبني غناه على إفقار الآخرين، يسعى لأن يبني قوته على إضعاف الآخرين، هذا مثله كمثل يأجوج ومأجوج..

﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ﴾[سورة الكهف: ٩٤]

خرجاً: مالاً نعطيك إياه، جزيةً، ضريبةً. يبدو أن هؤلاء القوم المفسدين يغيرون على هؤلاء الضعاف من بين جبلين، من ممر بين جبلين، يغيرون عليهم، يأكلون أموالهم، يستحيون نساءهم: قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا كان هؤلاء المفسدون يأتون من ممر بين جبلين.. بماذا أجابهم ذو القرنين؟

﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ﴾[سورة الكهف: ٩٥]

أي ربي عز وجل مكنني في الأرض من أجل أن أفعل الخير، وجزائي عنده على فعل الخير خير من كل أموالكم.

إن الدروس المستفادة من قصة ذو القرنين فى العقيدة هو التوكل على الله فى كل الأمور، وكذلك ضرورة الشكر على النعم، فقد أرجع ذو القرنين كل النعم التى أنعمها الله عليه إليه سبحانه وتعالى وكذلك صد وعزل أهل الفساد مثلما فعل ذو القرنين عندما قام ببناء سد بين قومه وبين يأجوج ومأجوج وقومه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى