مقال

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 2″

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، وبعد أن يُولدوا ويصلوا إلى سن البلوغ وينشؤوا على أكمل صورة، إلى أن يستقلوا بحياتهم بعد انتهاء دراستهم ونضجهم وزواجهم، أو التحاقهم بالعمل العام والحصول على مصدر رزق لهم ولأبناءهم فيما بعد، فإن حقوق الأبناء على الآباء منصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبويّة المُطهرة في الكثير من المواضع، ومن تلك النصوص ما جاء في القرآن الكريم من قول الله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” فالآية الكريمة بيّنت أن الإنسان مأمور بوقاية نفسه وأهله، الذين هم زوجه وأولاده، من النار، فعليه ان يصلح نفسه أولا، ثم يصلح أهله زوجته وأولاده، ويتعهدهم بالطاعة وفعل ما أمر الله وترك ما نهى عنه.

 

والأبناء مذكورون في هذه الآية فعلى الوالدين توجيههم وتربيتهم التربية الصالحة لوقايتهم من النار بفعل المأمورات وترك المنكرات، أما في السنة النبوية فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في تربية الأبناء ورعايتهم ” كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيتة” وفي هذا الحديث النبوي بيان أن كل شخص مسؤول عن كل من هم تحت يديه، وقد ذكر الحديث أن كلا من الرجل والمرأة مسؤول عن رعيته، ويدخل في رعيتهما أبناؤهما فهما مسؤولان عنهم بتربيتهم وإعطائهم حقوقهم.

 

وإن من حقوق الأبناء على والديهم هو أن يحسن الأب اختيار الأم جيدا، فتكون من أسرة صالحة طيبة، وأن تكون من ذوات الخُلق والدين، لأنه لن توجد ذرية صالحة إلا من زوجة صالحة، ولأن الأم هي الخلية الأولى في الأسرة التي تعتمد عليها تربية الأبناء ضمن أسرة متواجدة متراصة متكاتفة، فيقع على كاهلها مسؤولية الأبناء من مأكل وملبس، ورعاية من الأمراض، وتربية قويمة، فهي الركيزة الأساسية في تربية الأبناء، وتعليمهم الفضائل الإسلامية الصالحة، وأن يُحسن الأب اختيار اسم الابن يجب أن يكون الأب حريصا جدا في اختيار أسماء جميلة مُعبرة عن شخصيّة جميلة راكزة، يُحبها الابن بعدما يكبر، ويشكر والديه لتسميته لهذه الاسم، حتى لا يتعرض للمضايقات بسببها، ويكون ممنونا لوالديه على ذلك، وأن يقوم الأب برعاية أبنائه.

 

من احتياجاتهم وتعليمهم علوم القرآن، وتحفيظه، أو تعليم العلوم الأخرى من طب، وكيمياء، وتاريخ وغيرها، أن يقوم الأب والأم بتربية الأبناء على الفضائل الحسنة، من الصدق، والأمانة، وحب الخير، والشجاعة، والدفاع عن الحق، واحترام الكبير والعطف على الصغير، والالتزام بالوعود والإيفاء بها، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وغيرها الكثير من الفضائل الحسنة في الاسلام، وأن يقوم الأب بالإنفاق عليهم لأنه يقع على عاتقه حماية الأبناء من الجوع والعطش، وتوفير لهم المسكن وجميع مُقومات الحياة الأساسية من أجل العيش بسلام وحب وكما يجب على الأباء توجيه الأبناء إلى الطرق السليمة التي يراها الأب ناجحة وسليمة وآمنة، فدور الأب هنا دور المُرشد والمُربي لأبنائه، فيجب على الأب أن يكون صديقا لابنه، حتى يستطيع التقرب منه، وتوجيهه للصواب.

 

والطريق الصحيح، على الأب أن يكون حريصا على تأديب الابن بسبل متطورة دون استخدام العنف في أي وقت من الأوقات مهما كانت أخطاؤه ضمن المعقول، وعدم اللجوء إلى الضرب إلا في حالات ضيقة وكذلك العدل بين الأبناء في العطف والحنان والمحبة، وعدم التمييز بينهم، فإن هذا أدعى لاحترامهم لوالديهم وطاعتهم لهما، ومما ينبغي كذلك على المسلم لأطفاله في سن الطفولة أن يلاعبهم، والملاعبة سنة، ومن قال إنها ضياع للوقت فهو مخالف، بل هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر من اشتغل بأمور الأمة، وحوادث العالم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يقبّل الأطفال، وكان يجلس في مجامع الناس فيأتي الحسن وهو صغير فيفتح يديه صلى الله عليه وسلم، ويضحك ويخرج لسانه للحسن فيأتي الحسن مسرعا حتى يرمي بنفسه على النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى