مقال

السرقة والمجتمع ” جزء 7″ 

السرقة والمجتمع ” جزء 7″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع السرقة والمجتمع، وقال النبي صلي الله عليه وسلم لاعنا السارق، مبينا دعاءه عليه بالطرد والإبعاد من رحمة الله “لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده” رواه البخاري ومسلم، واللعنة على السارق من الرسول صلي الله عليه وسلم فالذي يسرق في البداية الشيء اليسير كالبيضة والحبل، ثم يؤدي به الأمر إلى أن يسرق شيئا ذا قيمة، فتقطع يده في النهاية، وروي عن بعض أهل العلم، أن الدنيا حلالها حساب، وحرامها عقاب، والحرام داء لا دواء له إلا الفرار للرحمن من أكله، وإنه للأسف في زماننا هذا، بتنا نسمع بعض الحكم التي لا أساس لها من الشرع الحنيف، ومنها قول نظف مالك الحرام ببعض أعمال الخير، إذ يتصور مثل هؤلاء المرضى، أن الله عز وجل حاشاه قد تمر عليه مثل هذه الأمور، أو أنه والعياذ بالله.

 

قد يقبل بمثل هذه الأموال الموبوءة، العمل الصالح، ويتناسى هؤلاء أن الله طيب لا يقبل إلا طيب، فبينما كانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، تقوم بتطييب دراهم ودنانير الصدقة بالمسك، وعندما سئلت رضي الله عنها عن ذلك، أجابت “لأنه يقع في يد الله سبحانه قبل أن يقع في يد الفقير والمسكين والمحتاج” وهناك من يدنس الصدقة بالمال الحرام، فيا من تتصدق من مال أصله حرام، وتتصور أن بذلك إنما تنظفه مما فيه من حرام، اعلم علم اليقين أن الله لن يقبله ابدا، فالصدقة من المال الطيب هي الصدقة التي يرجى لها القبول، وأما المال الحرام، فلا يقبل عند الله أبدا، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول” بل أن ما هو أفظع من ذلك، أن هذا المال الذي تصدق به وهو بالأساس من حرام، إنما سيكون له سببا في دخول النار.

 

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال “لا يكسب عبد مالا حراما فيتصدق منه فيقبل منه، ولا ينفق منه، فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث” وإن هناك من يتدخل في الأمر، ويقول فما بال الآية الكريمة ” وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات” فالمقصود هنا، إتيان الصلاة، وليس الصدقة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل” إذن الأمر محسوم وأن الله عز وجل لا يقبل أبدا إلا الطيب.

 

وقد عاقب النبي صلي الله عليه وسلم أقواما سرقوا وقتلوا وكفروا عقابا أليما، وكانت السرقة إحدى جرائمهم، فإنهم قدموا من عكل أو عرينة، فاجتووا المدينة، نزلوا بها، ثم مرضوا، ولم يلائمهم جوها، فأحسن إليهم النبي صلي الله عليه وسلم فأمرهم بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، علاج للحمى، وعلاج للمرض الذي أصابهم، وبول كل ما أكل لحمه طاهر، فانطلقوا فلما صحوا رجعت إليهم الصحة، قتلوا راعي النبي صلي الله عليه وسلم واستاقوا النعم أي أخذوا الإبل، فجاء الخبر في أول النهار، وكان مع النبي صلي الله عليه وسلم أبطال، فبعث في آثارهم، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم عند النبي صلي الله عليه وسلم حاضرين، ألقي القبض عليهم، أين يهربون؟ من شجاعة الصحابة ما ارتفع النهار إلا والحرامية عند النبي صلي الله عليه وسلم فقطع أيديهم وأرجلهم.

 

ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها، وطرحهم بالحرة، على الصخور الحارة، يستسقون فلا يُسقون، قال أبو قلابة “فهؤلاء سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله” وقد تكون السرقة عارض لمرض نفسي لمجموعة من الفتيات اللائي فتنتهم إكسسوارات زملائهن الذهبية، فيقومون بسرقتها كسلوك من الحقد والحسد وحب الاقتناء، ثم تبرر لنفسها سرقتها بأنها لم تقصد السرقة بفعلتها المحرمة ولكنها سرقت بدافع ظروفها النفسية، التي تزين لها فعلتها، ومن ثم تستمر في السرقة حتى تحترفها بدلا من أن تعالج نفسها وتحرم ما تقوم بفعله، ولقد استحبت الشريعة الإسلامية أن يسعى الرجل إلى الكسب الحلال، وحذرّت من أكل الحرام، لما في ذلك من الفساد الكبير، والاعتداء على حقوق الآخرين، فقال الله تعالى في كتابه العزيز “يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى