مقال

صدقة الفطر “جزء 9”

صدقة الفطر “جزء 9”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع من صدقة الفطر، لكن إخراجها في محلك الذى تقيم فيه أفضل وأحوط، وإذا بعثتها لأهلك ليخرجوها على الفقراء في بلدك فلا بأس” فزكاة الفطر، هي شرعة مباركة من شرعة الإسلام العظيم، شرعها الله الحكيم سبحانه، وكل شرائع الله فيها الحكمة، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، وزكاة الفطر فيها حكم ظاهرة جلية نص عليها الشارع، فزكاة الفطر فيها حكمتان عظيمتان، الحكمة الأولى ويعود خيرها على الصائم نفسه فهي تطهير لصيام المؤمن، مما يكون قد اعتراه من خلل ونقص وتقصير، فتجبره زكاة الفطر، وتنقيه، وتزكيه، حتى يعود أكمل ما يكون، فلله الحمد والمنة، والحكمة الثانية يعود خيرها على غير الصائم، على الفقراء والمساكين من عباد الله المؤمنين، فتسد حاجتهم يوم العيد، وتدخل عليهم السرور.

 

وتحفظ لهم مكانتهم فى فرحة المجتمع، ومشاركة الناس عيدهم، وتغنيهم عن السؤال والشعور بالمذلة في يوم جعله الله فرحة للمسلمين، فإن الزكاة من بين أركان الإسلام شرعة الحق، والتكافل الاجتماعى الذى يحفظ على المجتمع توازنه، بالعطف، والمودة، والإيثار، ونقاء السريرة، ونبذ سموم الأَحقاد والتحاسد، هذه منزلتها، وهذا أثرها كما رسمه الإسلام العظيم لأتباعه إلا أن الواقع يعطي شهادة بالإدانة على الأغنياء لصالح الفقراء، فلو أعطى كل غنى حق الله من مال الله لعباده الفقراء، ما بقى فى الدنيا فقير، ولا مسكين، ولا جائع، وأغنياء المسلمين فى العالم لا يحدهم التعداد من كثرتهم ولكن أرقام الذين يفارقون الحياة بسبب الجوع، أو المرض، يصيب النفس بالهلع والغثيان، إضافة إلى قائمة الضرورات الحياتية المهمة التى يفقدها المحرومون.

 

من أدنى الحقوق فى أقطار المعمورة من المسلمين، وإذا هدم الأثرياء من المسلمين ركنا عظيما، من أركان هذا الدين، فإن إيمانهم كله فى خطر، على اعتبار أن القائم بأركان الإسلام الخمسة، والمراعى لها يقيم الدين كله، فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما، قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” بُنى الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان” رواه مسلم، وكيف ينسى المؤمن حقا أوجبه الله عليه لأخيه الفقير، فقال تعالى ” وفى أموالهم حق للسائل والمحروم” فالزكاة هى بركة مال الغنى وسد حاجة الفقير، وبها يعيش الطرفان في جو من الود والمحبة، وإن للزكاة فضائل مهمة، وآثار اجتماعية، ومنافع دينية، تلخص هدف الإسلام فى إرساء قواعد البر.

 

والتعاون المبني على أسس شرعية، ولذلك كانت من أهم وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه، حين ابتعثهم للبلاغ، وبيان الإسلام، فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن، فقال “إنك تأتى قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله” فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات فى اليوم والليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة فى أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإِياك وكرائم أموالهم، واتقى دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب” رواه الترمذى، فإنه يشرع فى آخر شهر رمضان المبارك الاجتهاد فيما تبقى من لياليه تأسيا بسيد البشر صلى الله عليه وسلم وتحريا لليلة القدر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى