مقال

أحوال في شهر رجب ” جزء 6″

أحوال في شهر رجب ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أحوال في شهر رجب، وإن طريق النجاة هو التمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا يتم ذلك إلا بالبعد عن البدع والخرافات، ولقد ذم الله تعالى الطرق المنحرفة المبتدعة التي جعلت المؤمنين شيعا وأحزابا وشتت شملهم، فقال الله عز وجل كما جاء في سورة الأنعام ” إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما امرهم إلي الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون” فإن البدع مُبعدة عن الله، مقربة من الشيطان، مفرقة لصفوف المسلمين، محبطة للأعمال، والشيطان نعوذ بالله منه أفرح بصاحب البدعة من صاحب المعصية لأن المبتدع يرى أنه على صواب وأن غيره على خطأ، والعاصي يرى أنه على خطأ ويستغفر الله ولا يدعوا غيره إلى معصيته في الغالب، وإنما كانت البدع مردودة على من عملها.

 

لأن إحداث البدع يفهم منه أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ عن ربه ما ينبغي للأمة أن تعمل به مما يقربها إلى الله، وحاشاه صلوات الله وسلامه عليه عن ذلك وهو الوصوف لقول الله عز وجل في سورة التوبة ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم” ويقول الله سبحانه وتعالي “إن عدة الشهور عند الله اثني عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربع حرم ذلك الدين القيم” وإن الأشهر الحرم هي رجب وذو القعده وذو الحجه والمحرم، وقيل والله اعلم إن ثواب الطاعه مضاعف في الشهر الحرام لأن الحسنه الواحده في سائر الشهور بعشرة أمثالها فيقول الله سبحانه وتعالي “من جاء بالحسنه فله عشر أمثالها” ولكن قيل والله أعلم أيضا أن في رجب بسبعين.

 

وفي شعبان بسبعمائة وفي رمضان بألف” وأن هناك حديث يقول فيه النبي صلي الله عليه وسلم “إن أردتم الراحه وقت الموت من العطش والخروج مع الإيمان والنجاة من الشيطان فاحترموا هذه الشهور كلها بكثرة الصيام والندم علي ما سلف من الآثام واذكروا خالق الأنام تدخلوا جنة ربكم بسلام” وقيل في حديث الله أعلم بصحته أنه روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال “رأيت ليلة المعراج نهرا ماؤه احلي من العسل وابرد من الثلج وأطيب من المسك فقلت لجبرائيل يا جبرائيل لمن هذا قال لمن صلي عليك في رجب” وقال صلي الله عليه وسلم “انيبو إلي ربكم واستغفروا من ذنوبكم واجتنبوا المعاصي في الشهر الحرام وهو رجب” وأيضا عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أنه قال لقيت معاذ ابن جبل رضي الله عنه فقلت له من أين جئت يا معاذ ؟

 

قال معاذ جئت من عند النبي صلي الله عليه وسلم فقال أنس ابن مالك ما سمعت منه ؟ قال معاذ ابن جبل سمعت من قال لا إله إلا الله خالصا مخلصا دخل الجنه ومن صام يوما من رجب يبتغي به وجه الله دخل الجنه ثم دخل أنس ابن مالك علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أن معاذا أخبرني بكذا وكذا فقال صلي الله عليه وسلم، صدق معاذ” وأيضا عن أنس رضي الله عنه أنه صلي الله عليه وسلم قال ” في الجنه نهر يقال له رجب أشد بياضا من اللبن واحلي من العسل من صام يوما من رجب سقاه الله تعالي من ذلك النهر” أما صيام رجب كله فلم يصح فيه شيئا عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أصحابه وعن ابن عباس أنه كره ان يصام رجب كله، وقال الإمام أحمد يفطر منه يوما او يومين وقال المواري في الإقناع يستحب صوم رجب وشعبان.

 

وعن السيدة عائشه رضي الله عنها أنها قالت قال النبي صلي الله عليه وسلم “كل الناس جياع يوم القيامه إلا الأنبياء واهاليهم وصائم رجب وشعبان ورمضان فإنهم شباع لا جوع لهم ولا عطش” والله أعلم، وقد حكي ان امرأه في بيت المقدس كانت عابده فإذ جاء رجب تقرأ كل يوم “قل هو الله أحد” أحد عشر مره تعظيما له فكانت تنزع الملبس الأطلسي وتلبس الثياب الباليه فمرضت في رجب واوصت ابنها بأن يدفنها في ثياب باليه فكفنها بثياب مرتفعه رياء للناس فرأها في النوم فقالت يابني لما لم تاخذ بوصيتي وانا عنك غير راضيه فانتبه فزعا ونبش قبرها فلم يجدها في قبرها وتحير وبكا بكاءا شديدا فسمع نداء يقول اما علمت ان من عظم شهرنا رجب لم يترك في القبر فريدا وحيدا، والله أعلم بحقيقة هذا الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى