مقال

أصل البر في الإسلام ” جزء 4″

أصل البر في الإسلام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع أصل البر في الإسلام، ومن الأقوال التي ينبغي الحرص على الصدق فيها الحلف والقسم، فقد ورد عن ابن عمر رضى الله عنهما قال “سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يحلف بأبيه فقال ” لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله حديث صحيح “رواه ابن ماجة وقال أيضا “ويمينك على ما صدقك به صاحبك ” رواه مسلم، فلا يجوز لك أن تورّي فيه، ولا تجوز التورية في القسم عند القاضي أو عند الشخص الذي تريد أن تقسم له إذا كان صاحب حق، فلا تنفعك توريتك في اليمين، وهي حرام والواجب أن تكون يمينك على ما يصدقك به صاحبك ويفهم من كلامك، فلو حلف أنه مثلا، لم يأخذ منه مالا ونوى في نفسه أنه لم يأخذ منه مالا في هذا المجلس.

 

فلا ينفعه ذلك ولا يجعل المال حلالا له، يمينك على ما صدقك به صاحبك، والحقوق لا يجوز لك أبداً التورية فيها، وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” وذلك أن الإنسان كما أنه قد يكذب في كلامه بأن يخبر بغير الواقع والحقيقة، فكذا قد يكذب بعمله، فيوري بالضعيف من العمل، ويضبط ظاهره دون باطنه ليخدع الناس أو يخدع نفسه، فيظهر لهم خلاف واقع العمل وحقيقته، ثم هناك الصدق في كلام الناس وأحاديثهم بعضهم مع بعض فقد جعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الصفات الفارقة بين المؤمن والمنافق أن المؤمن يصدق الحديث، والمنافق يكذب فيه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”

 

فالمؤمن لابد إذا أن يكون صادقا في قوله وحديثه، وفي عمله واعتقاده، وكل منا ينبغي أن يحاسب نفسه على ذلك، فإنه من القبيح جدا أن يظهر التفريط بيننا في أمر الصدق، أو أن يقع أحدنا في آفة الكذب، سواء في القول أم الكلام أم العمل، كما يقع من البعض في أداء الأعمال دون إتقان، ودون روح، ودون الجهد المطلوب، أم في الذكر والدعاء، بحيث لا يوجد الصدق في القلب، بل يكون الأمر مجرد كلمات أو حركات بلا رصيد في القلب وإصرار وإلحاح، أم في التعلم والعمل لنصرة هذا الدين والالتزام به، حيث يبدو التكاسل والتفريط والتخلف عن القيام بالواجب أو الدور المطلوب، وروى البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، قال عمي أنس بن النضر “سميت به ”

 

ولم يشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر عليه فقال، أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، أما والله لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع، قال فهاب أن يقول غيرها، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد من العام القابل، فاستقبله سعد بن مالك فقال يا أبا عمرو أين ؟ قال واها لريح الجنة، أجدها دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة وطعنة ورمية، فقالت عمتي الربيع بنت النضر، فما عرفت أخي إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا لفظ الترمذي، وقال هذا حديث حسن صحيح.

 

وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه الآية، منهم طلحة بن عبيد الله ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصيبت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أوجب طلحة الجنة ” وفي الترمذي عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل، سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترئون على مسألته، يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلي ثياب خضر، فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم قال أين السائل عمن قضى نحبه ؟ قال الأعرابي أنا يا رسول الله، قال “هذا ممن قضى نحبه قال” ولكن قيل أن هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن بكير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى