مقال

الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 6”

الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور “جزء 6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الخليفة العباسي أبو جعفرالمنصور، وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات، وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين، الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين، وظل بيت الحكمة قائما حتى داهم المغول بغداد سنة ستمائة وستة وخمسين من الهجره، وأراد أبو جعفر المنصور أن تنهض الدولة العباسية بالعلم، والتعليم، ولذلك كتب إلى ملك الروم، وطلب منه أن يبعث إليه كتب تعليم مترجمة، فبعث إليه ملك الروم كتب الطبيعيات، بالإضافة إلى كتاب إقليدس، كما أنه فكر في إنشاء مكتبة خاصة بالمسلمين.

 

وأمر بالترجمة من الكتب غير العربية، فبدأت حركة الترجمة في عهده من مختلف اللغات مثل الرومية، والفارسية، والسريانية، وكما طلب من العلماء، والمتخصصين ترجمة كتب الطب، والرياضيات، والفلسفة، ومن أشهر الكتب التي ترجمت في عهده كتاب كليلة ودمنة، وكذلك كتاب السند هند، وكتاب أرسطاطاليس، وفى عفو الخليفه أبو جعفر المنصور، فقد روى عن مبارك بن فضالة قال كنا عند المنصور فدعا برجل ودعا بالسيف فقال المبارك يا أمير المؤمنين سمعت الحسن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة قام مناد من عند الله ينادي ليقم الذين أجرهم على الله فلا يقوم إلا من عفا فقال المنصور خلوا سبيله، وأخرج عن الأصمعي قال أتى المنصور برجل يعاقبه فقال يا أمير المؤمنين الانتقام عدل والتجاوز فضل.

 

ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين فعفا عنه، وقد أخرج من طرق أن المنصور قال لابنه المهدي يا أبا عبد الله الخليفة لا يصلحه إلا التقوى والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة والرعية لا يصلحها إلا العدل وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه، وقال لا تبر من أمرا حتى تفكر فيه فإن فكرة العاقل مرآته تريه قبيحه وحسنه، وقال أي بني استدم النعمة بالشكر والمقدرة بالعفو والطاعة بالتألف والنصر بالتواضع والرحمة للناس، وكان ملخص ما فعله الخليفه المنصور في خلافتة، هو قتل أبا مسلم الخراساني، وكان دخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان الأموي إلى الأندلس واستولى عليها وامتدت أيامه وبقيت الأندلس في يد أولاده.

 

إلى بعد مائه وأربعون من الهجره، وكان عبد الرحمن هذا من أهل العلم والعدل وأمه بربرية، وقال أبو المظفر الأبيوردي فكانوا يقولون ملك الدنيا ابنا بربريتين المنصور وعبد الرحمن بن معاوية، وقد شرع في بناء مدينة بغداد، وقد شيد أبو جعفر المنصور مدينة بغداد على شكل دائرة بخلاف المدن الإسلامية الأخرى التي كانت إما مستطيلة وإما مربعة أو بيضاوية على رقعة مرتفعة من الأرض، على الجانب الغربي لنهر دجلة في منطقة خصبة تتوسط دولته، ووضع قصره بوسطها، واستغرق بناؤها مدة أربع سنوات، وأسماها مدينة السلام، أو الزوراء، وقد خطط المنصور بغداد بنفسه عن طريق رسم مخططها بالرماد على الأرض، ثم أمر بإشعال النار فيه ليلا ليرى تصميم مدينته التي رسمها بنفسه، وبنى حولها سورا ضخما لحمايتها، ويحتوي هذا السور على أربعة أبواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى