مقال

أبو عبد الله جعفر الصادق ” جزء 1″ 

أبو عبد الله جعفر الصادق ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

الإمام جعفر الصادق هو أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وفي المدينة المنورة كان مولد جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي في الثامن من رمضان فى عام ثلاثه وثمانين هجريا، وكانت المدينة موئل العترة من آل البيت، وفي وسط هذه الأجواء المعبقة بأريج النبوة نشأ جعفر الصادق نشأة كريمة في بيت علم ودين، وأخذ العلم عن أبيه محمد الباقر، وجده لأمه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة المشهود لهم بسعة العلم والفقه، وقد لقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب، ويعتبر هو الإمام السادس لدى الشيعة وإليه ينسبون انتشار مدرستهم الفقهيه، ولذلك يطلق على الشيعة بالجعفرية.

 

وذلك نسبة للإمام جعفر الصادق، وبينما ينكر أهل السنة ذلك، ويعتبرون نسبة المذهب الجعفري إليه إفتراء، وقد استطاع أن يؤسس في عصره مدرسة فقهية وتتلمذ على يده العديد من العلماء، ويعتبر من أوائل الرواد في علم الكيمياء حيث تتلمذ عليه جابر بن حيان، وإن للإمام جعفر الصادق حكم وأدعية أشبه بكلام النبوة، حيث أنها خرجت من نفس كريمة، وقلب مؤمن عظيم الإيمان، ومن ذلك وصيته لابنه موسى، يقول فيها ” يا بني، من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه، ومن كشف حجاب غيره انكشفت عورته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر بئرا لأخيه أوقعه الله فيها، وقال أيضا يا بني، كن للقرآن تاليا، وللسلام فاشيا.

 

وللمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدئا ” وقال أيضا ” لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب ” وقال أيضا ” ان قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك ان لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن، ثم قال ” نعم صومعة المسلم، بيته، يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ” وقد قال لحمران ” يا حمران انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك بما قسم لك، واحرى ان تستوجب الزيادة من ربك ” وإعلم ان العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين واعلم انه لا ورع أولى من تجنب محارم الله والكف عن اذى المؤمنين واغتيابهم.

 

ولا عيش أهنأ من حسن الخلق، ولا مال انفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل اضر من العجب” وقيل له على ماذا بنيت أمرك، فقال ” على أربعة أشياءعلمت أن عملي لا يعمله غيري فاجتهدت، وعلمت أن الله عز وجل مطلع عليّ فاستحييت، وعلمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأننت، وعلمت أن آخر أمري الموت فاستعددت ” وقد كني الإمام الصادق بعدة كنى منها أبو عبدالله وهي أشهرها، وأبو إسماعيل وأبو موسى، ولقب بالصادق، والفاضل، والطاهر، والقائم، والكامل، والمنجي، وكان يوصف بأنه ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أبيض الوجه، أزهر له لمعان كأنه السراج، أسود الشعر، جعده، أشم الأنف قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهرا، وعلى خده خال أسود، وقد ألمّت المحن بآل البيت وأحاطت بهم النكبات والكوارث منذ أن استشهد الحسين بن علي.

 

سيد شباب أهل الجنة في كربلاء، في العاشر من المحرم سنة واحد وستين هجريه، وجرّت هذه المحنة سلسلة من المحن والمصائب التي نزلت على أبناء السيده فاطمة الزهراء، فاستشهد زيد بن علي زين العابدين، في سنة مائة وواحد وعشرين، حين سمت نفسه إلى الخلافة في عهد هشام بن عبد الملك، ولقي المصير نفسه محمد بن عبد الله، المشهور بالنفس الزكية وأخوه إبراهيم، في خلافة أبي جعفر المنصور، العباسي، وقد صهرت هذه المحن نفس جعفر بن محمد بن علي بن زين العابدين، وجعلته يضيق بالسياسة والتطلع إلى الولاية، ويتجه إلى العلم والمعرفة لا ضنا بحياته أو ضعفا بقدراته، ولكنه كان يرى أن الخروج على الحاكم يؤدي إلى الفتنة العمياء، وارتكاب المظالم، وانتهاك الأعراض، وأخذ الناس بالشبهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى