مقال

موقعة صفين “جزء 9”

موقعة صفين “جزء 9”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع موقعة صفين، وقد أتفق الجيشان جيش أهل الشام وجيش أهل العراق،على مبدأ التحكيم، وكان عمرو بن العاص المفاوض من قبل أهل الشام، وكان أبو موسى الأشعري المفاوض من قبل أهل العراق، وقد اختلف الناس في أبي موسى الأشعري أشد الاختلاف، فاللذين استجابوا لفكرة التحكيم أراده مفاوضا عنهم، واللذين رفضوا فكرة التحكيم وهم الإمام علي وأصحابه، رفضوا أن يكون الأشعري مفاوضا عنهم، ولكن لم يكن أمام علي بن أبي طالب بد من الاستجابة لأهل العراق والقبول بأبي موسى الأشعري، وقد قيل أنه تعرض الأشعري لخداع ابن العاص الذي أقنعه بخلع أمير المؤمنين، بينما قام عمرو بن العاص بتثبيت معاوية وخلع أمير المؤمنين، وبعد اجتماع الحكمان في دومة الجندل في الموعد المحدد حسب المتفق عليه.

 

وكتبت صحيفة التحكيم على النحو التالي ” بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، قاضى علي على أهل الكوفة ومن معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضي معاوية على أهل الشام ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حكم الله عز وجل وكتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإن كتاب الله عز وجل بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات، فما وجد الحكمان في كتاب الله عز وجل عملا به، وما لم يجدا في كتاب الله عز وجل فالسُنّة العادلة الجامعة غير المفرقة ” إلا أنهما لم يتفقا على شيء بل رجعا من غير تفاهم، وأراد علي بن أبي طالب أن ينهض مرة أخرى لقتال أهل الشام فاستنهض من انشقوا عنه من الخوارج لكنهم امتنعوا عن الخروج معه واتهموه بالكفر والفسوق.

 

مما جعل خروجه إلى الشام يتحول إلى معركة بينه وبينهم عرفت بموقعة النهروان وتغلب فيها عليهم واستأصل شأفتهم وقضى عليهم إلا قليلا، ومنذ ذلك الحين أخذ موقف علي بن أبي طالب يتراجع بسبب تخاذل أنصاره وتعنتهم، وفي المقابل أخذ موقف معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام يتقدم واستمر السجال بينهم دون تحقيق أحد من الطرفين مكاسب حاسمه، حيث انتهى هذا السجال الذي استمر زهاء سنتين بقيام ثلاثة من الخوارج هم عبد الرحمن بن ملجم البراك بن عبد الله التميمي وعمرو بن بكر التميمي وعقدوا العزم على التخلص من كل من الإمام علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، إذ رأوا بنظرهم القاصر أن هؤلاء هم سبب الفتن والمصائب التي حلت بالأمة فقرروا التخلص منهم.

 

وقد تمكن عبد الرحمن بن ملجم من طعن علي بن ابي طالب حيث استشهد رضي الله عنه، في مسجد الكوفة وهو خارج لصلاة الفجر سنة أربعين من الهجرة، بينما أخفق صاحباه في قتل معاوية وعمرو بن العاص، وقد آل الأمر من بعد وفاة الإمام على، إلى تولية الحسن بن علي الخلافة إلا أنه تنازل عنها طواعية لمعاوية حقنا لدماء المسلمين وجمعا لهم على إمام واحد، وقد سمي ذلك بعام الجماعة وانقضى بذلك عصر الخلافة الراشدة وابتدأ عصر بني أمية، وقد كانت خسائر هذه الموقعه هو أن تم قتل من الطرفين خلال المعركة سبعين ألف رجلا، فمن أصحاب معاوية من أهل الشام خمسة وأربعين ألف رجل، ومن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب من أهل العراق خمسة وعشرين ألف رجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى