مقال

مسجد العقبة والبيعة. 


مسجد العقبة والبيعة.

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

مسجد البيعة ويطلق عليه مسجد العقبة، وهو مسجد بناه أبو جعفر المنصور سنة مائة وأربعة وأربعين من الهجرة، في المكان الذي اجتمع فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع الأنصار حيث بايعوه بيعة العقبة، وقد بني مسجد البيعة في منطقة العقبة بمنى وهو الموقع الذي بايع فيه اثنى عشرة رجلا من الأنصار من الأوس والخزرج، النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو وفد من يثرب قدم من أجل مبايعة النبي ومعاهدته على نصرته، وقد تلت هذه البيعة هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وصحبه إلى المدينة المنورة بعد أن اشتد أذى كفار قريش على المسلمين في مكة، وعلى بُعد خمسمائة متر تقريبا من جمرة العقبة الكبرى، يلحظ الحجاج العابرون لمنطقة الجمرات، مسجد البيعة الذي شهد أول بيعة في الإسلام، مكتسبا بذلك أهمية تاريخية كبري.

 

والمسجد عبارة عن مصلى لا سقف له يحوي محرابا وملحقا معه فناء أكبر مناحته، والمسجد يطل على منى من الناحية الشمالية في السفح الجنوبي لجبل ثبير، المطل على الشعب المعروفة باسم شعب الأنصار، أو شعب البيعة، ويوجد فيه حجران كتب على أحدهما عبارة أمر عبدالله أمير المؤمنين أكرمه الله، ببنيان هذا المسجد في إشارة إلى الخليفة العباسي، والمسجد به رواقان من الجهتين الشامية واليمانية بطول ثلاثه وعشرين ذراعا، وعرض أربعة عشر ذراعا ونصف الذراع كل منها مسقوف بثلاث قبب على أربعة عقود وبابين، وطول المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة ثمانيه وثلاثين ذراع ذراعا تقريبا، ومازال المسجد يحتفظ بشيء من مساحته ونقوشه الإنشائية الأثرية، إذ يوجد فيه نقش إنشائي يؤرخ لعمارته وآخر تذكاري من الفترة نفسها.

 

ونقش إنشائي مؤرخ في سنة ستمائه وخمسه وعشرين من الهجره، وظل المسجد متواريا عن الأنظار خلف الجبل حتى بعد التوسعة الجديدة وإزالة الجبل في إطار توسعة مشعر منى لطرق المشاة والحافلات ضمن مشروع منشأة الجمرات ظهر للجميع بالقرب من جسر الجمرات، وقد تمت بيعة العقبة الأولى في هذا الموضع من منى سنة الثانيه عشر من النبوة حيث بايع اثنى عشر شخصا من قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة، كما أن بيعة العقبة الثانية كانت في الموضع ذاته، وذلك أثناء موسم حج فى العام الثالث عشر من النبوة، وقيل أنه حضر هذه البيعة ثلاثه وسبعين رجلا وامرأتان من أهل المدينة المنورة، ودعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي المدينة، وقالوا إلى متى ندع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة.

 

وعرفت هذه البيعة أيضا ببيعة العقبة الكبرى وبنى أبو جعفر المنصور، مسجدا في موضع البيعة، كما هو مدون في اللوحة التي لا تزال مثبته في جدار المسجد للقبلة من الخارج، والمسجد مكون من ساحة مكشوفة تتقدمها مظلة، ويقع المسجد أسفل وادي منى، على بعد ثلاثة مائة مترا من جمرة العقبة على يمين الجسر، ويقع مسجد البيعة بمنى بمكة المكرمة، ولم يختلف المهتمون بتاريخ مكة على تحديد موضع المسجد قديما وحديثا ومنهم الأزرقي الفاكهي، والفاسي، والزواوي المكي، القطبي، ونقل عنهم في الكتب الحديثة، وويقع بناء مسجد البيعة، على يسار الذاهب إلى منى، وراء جمرة العقبة الكبرى، بيسير باتجاه مكة المكرمة، وفي شعب من شعاب جبل ثبير، على يسار الداخل إلى منى، وقد وحدد القطبي رحمه الله، موضع المسجد بنفس المكان.

 

وقال بينه وبين العقبة الكبري، وقد أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عام مائه وأربعه وأربعين من الهجره، ببناء مسجد البيعة بمنى تقديرا لدور العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، لأنه حضر البيعة وعقد عقدها للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هناك نص في مخطوط أو كتاب قديم يصف مبنى المسجد من ناحية مادة البناء، وكم يبلغ طول البناء وعرضه، إلا أن أن الفاسي في كتابه شفاء الغرام ذكر أن مسجد البيعة قد تم تعميره في عهد الخليفة المستنصر العباسي عام ستمائه وتسعه وعشرين من الهجرة، كما أن الفاسي قدم وصفا لبناء مسجد البيعة ولم يحدد هل هو بناء الخليفة أبو جعفر المنصور، أم هو الترميم الذي قام به الخليفة المستنصر العباسي، وفي ذلك قال الفاسي وصفة هذا المسجد، رواقان كل منهما مسقوف بثلاث قبب.

 

على أربعة عقود، وخلفها رحبة، وله بابان في الجهة الشامية، وبابان في الجهة اليمانية، وطول الرواق المتقدم من الجهة الشامية إلى الجهة اليمانية ثلاثة وعشرون ذراعا، وعرضة أربعة عشر ذراعا، والرواق الثاني نحو ذلك، وطول الرحبة من جدارها الشامي إلى اليماني، أربعة وعشرون ذراعا ونصف ذراع، وعرضها ثلاثة وعشرون ذراعا ونصف ذراع، وطول المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة ثمانية وثلاثون ذراعا وسدس، الجميع بذراع الحديد، وأبواب كل رواق التي يدخل منها إلى الأرض ثلاثة، وأكثر هذا المسجد الآن متخرب، وقد تم بناء المسجد حديثا وقد أجري عليه عمارة وترميم في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود الذي شهد عهده تقدما معماريا وحضاريا، ورغم ذلك فإن مبنى مسجد البيعة في ذلك الوقت.

 

ظل على حدوده التي أقيم عليها، وأجري حوله بعض الإصلاحات، وبني حوله سور حديد، وبني بجواره خزان للمياه، ليخدم ضيوف الرحمن في أيام التشريق، ويقع مبنى مسجد البيعة في سفح جبل ثبير وأطلق عليه الأزرقي شعب البيعة أو شعب الأنصار، وهو على يمين النازل من منى إلى مكة المكرمة، وعلى يسار الصاعد إلى منى، ويبعد عن الجمرة الكبرى حاليا بمقدار كيلو متر تقريبا، ويفصل بينهما شارع مرصوف عرضه حوالي مائة متر تقريبا، ويحيط بالمسجد من ثلاث جهات جبل ثبير، من جهة الشمال، ومن جهة الشرق، ومن جهة الشمال الشرقي، أما من جهة الجنوب، فقد بنى حديثا خزان للمياه، يفصل بينه وبين المسجد شارع، ويؤدي خزان المياه خدمات جليلة لضيوف الرحمن، في فترة أيام التشريق بمنى.

 

حيث يكثر عدد الوافدين لأداء مناسك الحج، ويوجد رحبة أمام جهة محراب الصلاة طولها خمسه وأربعين مترا، وعرضها يمتد إلى الجهة الشمالية من المسجد بمقدار خمسه وأربعين مترا، تقريبا، وتقدر مساحة مسجد البيعة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود خمسمائة مترا على وجه التقريب، ويبلغ طول الجهة الشمالية ثمانية وعشرين مترا تقريبا، ويبلغ عرض الجهة الشرقية سبعة عشرا مترا وهو على شكل مستطيل، وأكثر جدران المسجد ارتفاعا هو جدار رواق القبلة إذ يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار تقريبا وطوله سبعة أمتار تقريبا، ويبلغ ارتفاع الجدار الشرقي أربعة أمتار، ويبلغ ارتفاع الجدار الثاني للرواق الذي يغطي المسجد من جهة الشمال والجنوب ثلاثة أمتار وربع المتر تقريبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى