مقال

الدكرورى يكتب عن معركة أجنادين “جزء 5”

الدكرورى يكتب عن معركة أجنادين “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع معركة أجنادين، وبقي عدة شهور لم يظفر منه بشيء أو خبر لصُنع مكيدة له، ثم سار إليه بنفسه، فدخل عليه كأنه رسول ففطن إلى حيلته الأرطبون، وقال لا شك أن هذا هو الأمير أو من يأخذ الأمير برأيه، فأمر الحرس إذا مر بهم في عودته أن يَقتلوه، وانتبه عمرو إلى ما يضمر له الأرطبون من المكر وقال في نفسه أحسنت يا عمرو الدخول فأحسن الخروج، ثم قال للأرطبون قد سمعت مني وسمعت منك، وقد وقع قولك مني موقعا، وأنا واحد من عشرة بعثنا عمر إلى هذا الوالي لنكاتفه، فأرجع فآتيك بهم الآن ، فإن رأوا الذي عرضت علي الآن فقد رآه الأمير وأهل العسكر، وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم، فقال الأرطبون نعم، ثم أرسل إلى الحرس بعدم التعرض له طمعا منه أن ينال من العشرة بدل الواحد، وخرج عمرو سالما.

 

ثم علم الأرطبون أنها كانت خدعة من عمرو، فقال هذا أدهى الخلق، ثم إن عمرو بن العاص عرف مكان الضعف عند الأرطبون فشن عليه الحرب، وكانت موقعة شديدة بأجنادين لا يفوقها شدة إلا اليرموك، حتى كثرت القتلى، ثم انهزم الأرطبون وقصد بيت المقدس وتحصن فيه، وكان عدد قتلى الروم قريبا من ثمانين ألفا، وكانت أحداث المعركه بأن بدأ خالد بن الوليد بمراسلة قادة الجيوش الإسلامية في بلاد الشام للتجمع في موضع واحد هو كما قال المؤرخون قرية عجور من قرى مدينة الخليل، ثم انطلق هو بجيشه وجيش أبي عبيدة من دمشق متجهين بسرعة كبيرة نحو موضع التجمع فلحقت الحامية البيزنطية الموجودة خلف أسوار دمشق بجيش المسلمين واشتبكت مع مؤخرته مما اضطر خالد للتراجع وقتال جيش الحامية كي يجبرهم على العودة إلى دمشق.

 

وعدم اللحاق بالمسلمين، وبالفعل تمكن مما أراد، وفي ذات التوقيت انطلق شرحبيل بن حسنة من بُصرى سالكا طريقا في الصحراء كي لا يتبعه وردان بجيشه الذي خشي من لحاق المسلمين في الصحراء والتي لا يجيدون القتال فيها، وبعد عدة ايام إلتقت الجيوش الخمسة في موضع التجمع بقيادة خالد بن الوليد القائد العام للجيوش وإجمالي عددهم ثلاثه وثلاثين ألف مقاتل، أما الروم فقد اختاروا قرية بيت جبرين لتجمع جيوشها من عدة أماكن وإجمالي عددهم مائة ألف مقاتل، وقسم خالد رضي الله عنه الجيش إلى ميمنة بقيادة معاذ بن جبل وميسرة بقيادة سعيد بن عامر والوسط نصفين، النصف الأمامي للخيالة بقيادة سعيد بن زيد والنصف الخلفي للمشاة بقيادة أبي عبيدة رضي الله عنهم أجمعين وأمر الجميع بعدم البدء في القتال حتى يعطي إشارة البدء.

 

فبدأ الروم بشن الهجمات على ميمنة وميسرة الجيش المسلم الذي اكتفى بالدفاع دون الهجوم في انتظار قرار القائد الأعلى للجيش، وكانت خطة خالد كانت تقتضي إضعاف جيش الروم حتى يسهل على وسط الجيش الإسلامي مهاجمة وسط جيش الروم حيث يختفي قائدهم في الخلف فإن قتل تفرق جيشه في واحدة من هجمات طرفي جيش الروم على طرفي جيش المسلمين انتهز خالد رضي الله عنه الفرصة لمهاجمة وسط جيش الروم فأعطى إشارة بدء القتال، فاقتحم جند المسلمين قلب جيش الروم كالسيل العرم حتى وصلوا إلى خيمة قائد جيش الروم وقتل فيها، وبمقتله تفرق جيشه وتمزق ما بين فار وقتيل وانتصر المسلمون انتصارا عظيما، وشهدت معركة أجنادين كغيرها من الغزوات والمعارك الإسلامية العديد من مواقف البطولة والفداء.

 

والتضحية في سبيل الجهاد لإعلاء كلمة الحق ونشر الإسلام بين شعوب الأرض ورد الظلم والعدوان، ومن تلك المواقف الخالدة التي سجلها التاريخ بحروف مضيئة موقف الصحابية أم حكيم بنت الحارث المخزومية زوجة عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنهما، والتى قتلت أربعة من جند الروم بعمود خيمتها حيث اصطحب خالد بن الوليد رضي الله عنه النساء والغلمان وجعلهم في مؤخرة الجيش كحافز معنوي للقتال والاستبسال، وبرز في هذه المعركة واحد من أشهر فرسان المسلمين ألا وهو ضرار بن الأزور رضي الله عنه والذي قتل بمفرده ثلاثين فارسا من فرسان الروم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى