مقال

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 4”

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 4”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع معركة القادسية، واستعان بها محمد الفاتح في فتح القسطنطينية، وقد قال لجيشه ” قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله يفتح الله لكم” ولقد صدق الله عز وجل، وعده لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض وأئمة الناس والولاة عليهم، بهم تصلح البلاد وتخضع لهم العباد، وليبدلنهم من بعد خوفهم من الناس أمنا، وحكما فيهم، وقد فعله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين، وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكاملها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر المقوقس وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة، ثم قام من بعده خليفته أبو بكر الصديق، فبعث جيوش الإسلام إلى بلاد فارس بقيادة خالد بن الوليد.

 

ففتحوا طرفا منها وجيشا آخر بقيادة أبي عبيدة إلى الشام، وثالث بقيادة عمرو بن العاص إلى مصر، ثم آل الأمر بعده إلى عمر الفاروق رضي الله عنه الذي تم في أيامه فتح البلاد الشامية بكاملها ومصر إلى آخرها وأكثر إقليم فارس، وكانت معركة القادسية الفيصل بين الحق والباطل، كانت يوما كيوم بدر ويوما كيوم خيبر ويوما كيوم اليرموك، حدثت معركة القادسية في محرم سنة أربعة عشر من الهجرة على أرض القادسية في العراق، وقد ولى الخليفة عمر بن الخطاب الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ليكون قائدا لجيش المسلمين، وتحت إمرته أكثر من ثلاثين ألف مقاتل، منهم سبعين رجلا أو أكثر ممن شارك في غزوة بدر، وإن وجود هؤلاء الصحابة كان سببا في إعطاء القادسية أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي، وقائد جيش الفرس هو رستم جاذويه.

 

على رأس مائة وعشرين ألفا، إضافة إلى ثمانين ألفا من الخدم والتابعين، ومعهم ثلاثة وثلاثون فيلا، منهم فيل سابور الأبيض، والفيل الأجرب، وبالفعل فُتحت الحصون بهذه الكلمة، فيوصيهم قائدهم سعد بن أبي وقاص بقول لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا هو بيان خطة المعركة، ألقاه القائد سعد للجيش من فوق قصر ” قديس” عن طريق القائد خالد بن عرفطة، ثم يحين موعد صلاة الظهر فيؤذن لصلاة الظهر، وظنه رستم نداء الحرب فتحرك نحو المسلمين، وما إن سمع المسلمون إقامة الصلاة حتى اصطفوا لها، فنادى رستم على جيشه بأن يأخذوا أهبتهُم ويستعدوا للقاء المسلمين، فتقول له العيون إنما هذا للصلاة وليس للحرب، فيتعجب رستم ويقول عجيب أمر هؤلاء الناس، حتى أنهم في ميدان المعركة حريصون على الصلاة، ثم تقام الصلاة.

 

ويؤُم المسلمين القائد خالد بن عرفطة، ويصلي بهم صلاة الحرب، وإحدى كيفياتها أن يصلي الإمام ببعض أصحابه ركعتين، ثم يسلموا ثم يتأخروا، ويقوموا للحراسة، ويأتي الآخرون أى باقي الجيش، فيكونون في مقامهم فيصلي بهم ركعتين، ثم يسلم، فيكون الإمام قد صلى أربع ركعات، وللقوم ركعتان ركعتان، ولها كيفيات أخرى، ومشروعية هذه الصلاة في الحرب حتى لا يقوم المسلمون بالصلاة كلهم، فيأتيهم العدو من خلفهم فيهجموا عليهم، وأتم المسلمون الصلاة، وألقى الله الرعب والرهبة في قلوب الفرس، وكما تعجب رستم نتعجب نحن أيضا كيف أن المسلمين أقاموا الصلاة في أول وقتها في هذا الموقف الجلل، والجو المشحون بالخطورة؟ وهذا هو مفتاح النصر الذي ذكره القائد سعد بن أبي وقاص في البداية “إن ترغبوا في الآخرة، وتزهدوا في الدنيا تعطوا الدنيا والآخرة ”

 

وهذا ما كان يمتلكه المسلمون في هذا الوقت، ثم يأمر الصحابي سعد بن أبي وقاص القرّاء بالانتشار في الكتائب، وقراءة سورة الجهاد “الأنفال” فيفعلون، وتم قراءة سورة الأنفال كاملة، وكان المسلمون يتعلمونها في الجهاد، وهشت القلوب، وانهمرت الدموع من العيون، وتذكر البدريون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، موقعة بدر، وتذكروا كيف أنزل الله ملائكته عليهم، وكانت عدتهم قليلة، وكان الكفار أكثر منهم، وأنزل الله عليهم الملائكة، وشاهدوا أعناق الكفار وهي تطير حتى قبل أن تصل إليها السيوف، وعندما سألوا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال لهم “إنها الملائكة” وتذكروا المطر الذي نزل فثبت الأقدام، وزلزل الأرض من تحت أقدام المشركين، وتذكروا الانتصار الذي امتن الله عز وجل به على المسلمين في موقعة بدر على أهل الكفر رغم أن كل التوقعات كانت تؤيد انتصار الكفر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى