مقال

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 5”

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 5”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع معركة القادسية، وفي القادسية يتكرر الموقف نفسه فيتذكر المسلمون هذه المعركة، ويتذكرون النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فتنهمر الدموع من أعينهم، ويخضب الدمع لحاهم فيتأثر كل من في أرض القادسية بهذا الموقف، ويتشوقوا إلى لقاء الفرس، ليتحقق لهم ما تمنوه، وما وُعدوا به من إحدى الحسنيين وهى النصر أو الشهادة، وبعد قراءة سورة الأنفال شعر القائد سعد بن أبي وقاص بارتفاع الروح المعنوية لدى المسلمين، وأنهم على أهبة الاستعداد وأتمه للقاء الفرس، فصاح رافعا صوته قائلا الله أكبر، فكبر من ورائه المسلمون جميعا، وكان عددهم اثنين وثلاثين ألفا، فأوقعت هذه الصيحة الرعب والفزع في قلوب أهل فارس، وتحفز المسلمون للقتال ولكنهم كانوا ينتظرون التكبيرات الأربع.

 

ثم يكبر القائد سعد بن أبي وقاص التكبيرة الثانية فتصطف الصفوف، وترفع السيوف من الأغماد، ويستعد الناس للقتال، ثم يكبر القائد سعد التكبيرة الثالثة فتخرج كتيبة الفرسان أفضل مجاهدي المسلمين من ناحية القتال المهاري على أشد الخيول ضراوة إلى ساحة القتال يطلبون المبارزة، ليحفزوا المسلمين وينشطوهم، وكان من أوائل من خرجوا من فرسان المسلمين للقتال ربيعة بن عثمان، وغالب بن عبد الله، وعمرو بن معديكرب، وعاصم بن عمرو التميمي، وكان أول قتال نشب بين ربيعة بن عثمان من قبيلة هوازن وأحد أشداء الفرس، وكان قتالا شديدا، وتقاتلا مدة كبيرة، وأذن الله لربيعة بن عثمان بقتل الفارسي بعد قتال عنيف، وكان أول قتيل من الفرس في أرض القادسية فكبر المسلمون، وربط الله على قلوب المسلمين، وألقى الله الرعب في قلوب الفرس.

 

وهبت ريح النصر على المسلمين، وتقدم الصحابي غالب بن عبد الله وهو صحابي رسول الله صلي الله عليه وسلم ليقاتل فخرج له هرمز، وهو غير هرمز المقتول بسيف القائد الفاتح خالد بن الوليد في موقعة ذات السلاسل، وكان ملك منطقة الباب في فارس بجوار بحر قزوين، فتقاتلا قتالا شديدا، وأتم الله النعمة على الصحابي غالب بقتل هرمز في أرض المعركة وبسلبه تاجه، فانهارت معنويات الفرس، وخُلعت قلوبهم من الرعب، وارتفعت معنويات المسلمين، وكبر المسلمون بعد قتل هرمز ملك منطقة الباب، وقام عمرو بن معديكرب يتمشى بين الصفوف، وكان يحمل أقوى سيوف العرب وهو سيف الصمصامة، وكان رجلا ضخم الجثة قوي البنيان، وكان من المهرة في القتال، وكان يحفز الناس قائلا لهم قاتلوهم كما تقاتل الأسود، فأنتم اليوم أقوى من الأسود.

 

فتقدم إليه رجل من الفرس ورماه برمح فوقع على درعه وسقط على الأرض، وكانت رماح الفرس من طولها يسمونها نشابا، وتوجه عمرو بن معديكرب نحو الفارسي، وحمل عليه حملة واحدة فخطفه من فوق فرسه، ورجع به إلى المسلمين، وألقاه على الأرض، وضرب رأسه بسيفه، فقطعها بضربة واحدة ثم أخذ رأسه وألقاها ناحية فارس، وأخذ سواريه ومنطقته، وحمل عاصم بن عمرو رابع الفرسان الذين تقدموا على رجل من أهل فارس، فترك هذا الرجل فرسه وهرب إلى الجيش الفارسي، ليحتمي بهم فأخذ عاصم فرسه وعاد به غنيمة إلى المسلمين، وكتب الله النصر للفرسان الذين تقدموا من المسلمين، مما ثبت الله المسلمين وربط على قلوبهم، وألقى الله بذلك الرعب والوهن في قلوب الفرس، وإن المسلمين لم ينتصروا بقوة وتقدم عدتهم.

 

رغم أنها عامل مساعد أيضا في النصر، لأنهم لم يكونوا متقدمين تقنيا، بل كانوا يقاتلون بأدوات تقليدية كالسيف والرمح، بينما أعداؤهم يستعملون أدوات أقوى وأنجع، بل وصلوا إلى استعمال الحيوانات الضخمة التي كانت مخيفة للناس وللخيل، فقد استعمل الفرس في معركة القادسية أكثر من ثلاثة وثلاثين فيلا في القتال، ومع هذا لم يتراجع المسلمون ولم ينهزموا، لم ينهزموا رغم أنهم الأقل عددا والأقل عدة، لأنهم تسلحوا بالإيمان وان المسلمين قد تمسكوا بحبل الله المتمثل في الإيمان به حق الإيمان والعمل في إبتغاء مرضاته، وهذا ما كان من هدي رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فهم لم ينتصروا بالعدد وإن كان العدد عاملا مساعدا في النصر، بل كانوا في أكثر معاركهم وفتوحاتهم الإسلامية أقل بكثير من عدوهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى