مقال

الدكروري يكتب عن الإمام شمس الدين الذهبي ” جزء 5″

الدكروري يكتب عن الإمام شمس الدين الذهبي ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام شمس الدين الذهبي، ولعل من أبلغ تلك الشهادات ما قاله تلميذه تاج الدين السبكي”محدث العصر، اشتمل عصرنا على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص المزي والبرزالي والذهبي والشيخ الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم وأما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظا، وذهب العصر معنى ولفظا، وشيخ الجرح والتعديل” وهذا الكلام ليس فيه مبالغة من تاج الدين السبكي، خاصة أنه كان من أكثر الناس انتقادا لشيخه، وظل الإمام الذهبي موفور النشاط يقوم بالتدريس في خمس مدارس للحديث في دمشق، ويواصل التأليف حتى تعب بصره في أخر حياته، حتى فقد الإبصار تماما، ومكث على هذا الحال حتى توفي ليلة الإثنين الثالث من شهر ذو القعدة.

 

لعام سبعمائة وثماني وأربعين من الهجرة الموافق اليوم الرابع من شهر فبراير لعام ألف وثلاثمائة وثماني وأربعين للميلاد، وقد ذكر له ابن شاكر الكتبي ترجمة حسنة في كتابه فوات الوفيات، وكذلك فإن من المخطوطات المعتمدة في طبعة دار الرسالة العالمية في دمشق من كتابه ميزان الاعتدال مخطوطة كتبت بخط المصنف نفسه وهي محفوظة في مكتبة الزاوية الناصرية في تمكروت التابعة لمخطوطات الأوقاف المغربية، ومن تصانيفه، هو التاريخ الكبير، ثم الأوسط، المسمى بالعبر والصغير، المسمى بدول الإسلام وتاريخه من أجل التواريخ وقد وقف الشيخ كمال الدين بن الزملكاني على تاريخ الإسلام له جزءا بعد جزء، إلى أن أنهاه مطالعة، فقال هذا كتاب جليل وتاريخه المذكور عشرون مجلدا، وسير أعلام النبلاء، وهو خمس وعشرون مجلدا.

 

والمختصر المحتاج إليه، وطبقات القراء، وطبقات الحفاظ، مجلدين، وميزان الاعتدال في نقد الرجال، وهو ثلاث مجلدات، والعلو للعلي الغفار، والمثبت في الأسماء والأنساب، وهو مجلد، ونبأ الرجال، وهو مجلد، وتذهيب التهذيب، وهو مجلد، وتجريد أسماء الصحابة، وهو مجلدان، واختصار سنن البيهقي، وهو خمس مجلدات، وتنقيح أحاديث التعليق لابن الجوزي، والمستحلي اختصار المحلي، والمقتنى في الضعفاء، واختصار المستدرك للحاكم، وهو مجلدان، واختصار تاريخ الخطيب، وهو مجلدان، وتوقيف أهل التوفيق على مناقب الصديق، وهو مجلد، ونعم السمر في سيرة عمر، وهو مجلد، والتبيان في مناقب عثمان، وهو مجلد، وفتح الطالب في أخبار علي بن أبي طالب، وهو مجلد، ومعجم أشياخ الذهبي، وهو ألف وثلاثمائة شيخ.

 

واختصار كتاب الجهاد لابن عساكر، وهو مجلد، وما بعد الموت، وهو مجلد، وكتاب الكبائر، وهالة البدر في عدد أهل بدر، وأيضا له في تراجم الأعيان، وهو مصنف لكل واحد منهم، قائم الذات، مثل الأئمة الأربعة، ومن يجري مجراهم، لكن أدخل الكل في تاريخ النبلاء، وهكذا كن الإمام أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي هو محدث العصر والإمام الحافظ الذي طلب الحديث وهو ابن ثماني عشرة، ونشأ في أسرة كريمة من اصل تركماني، وكان رجلا صالحا محبا للعلم، فعني بتربية ولده وتنشئته على حب العلم، وكان كثير من أفراد عائلته لهم انشغال بالعلم، فشب الوليد يتنسم عبق العلم في كل ركن منه وكان من أسرة تركمانية الأصل، تنتهي بالولاء إلى بني تميم، سكنت مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر.

 

ويبدو أن جد أبيه قايماز قضى حياته فيها، قال الذهبي قايماز ابن الشيخ عبد الله التركماني الفارقي جد أبي، وفي سن مبكرة انضم إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم حتى حفظه وأتقن تلاوته ثم اتجهت عنايته لما بلغ مبلغ الشباب إلى تعلم القراءات وهو في الثامنة عشرة من عمره، فتتلمذ على شيوخ الإقراء في زمانه، وقرأ عليهما القرآن بالقراءات السبع، حتى أتقن القراءات وأصولها ومسائلها، وبلغ من إتقانه لهذا الفن وهو في هذه السن المبكرة أن تنازل له شيخه محمد عبد العزيز الدمياطي عن حلقته في الجامع الأموي حين اشتد به المرض، في الوقت الذي كان يتلقى فيه القراءات مال الامام الذهبي إلى سماع الحديث الذي ملك عليه نفسه، فاتجه إليه، واستغرق وقته، ولازم شيوخه، وبدأ رحلته الطويلة في طلبه، وقد عرف بابن الذهبي، نسبة إلى صنعة أبيه، وكان هو يقيد اسمه ابن الذهبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى