مقال

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام شعبة بن الحجاج هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد وهو مولى الأشاقر وهو من التابعين، واسطي الأصل عالم أهل البصرة وشيخها، وسكن البصرة منذ الصغر وفيها توفي، ورأى من الصحابة أنس بن مالك، وعمرو بن سلمة، وسمع من أربعمائة من التابعين، وكان أكثر ما اشتهر به شعبة بعد علم الحديث هو زهده في الدنيا، وقد ترك الدنيا بما فيها وانقطع للحديث، حتى ما أكل من كسب يده قط، وهو الإمام الحافظ الهمام أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم الواسطي ثم البصري، أمير المؤمنين في الحديث في زمانه، وعالم أهل البصرة، وهو من تابعي التابعين، وقد ولد بقرية نهريان أسفل مدينة واسط بالعراق، سنة اثنين وثمانين، وقيل ثلاثة وثمانين من الهجرة، في خلافة عبد الملك بن مروان رحمه الله.

 

وقال الخطيب البغدادي أن شعبة أكبر من سفيان الثوري بعشر سنين، والثوري أكبر من ابن عيينة بعشر سنين، ويرجع أصل شعبة بن الحجاج إلى واسط في العراق وبها نشأ وترعرع، ثم ارتحل إلى البصرة فسكن بها إلى أن توفي، وأما عن قدومه بغداد، فقال الخطيب البغدادي قدم شعبة بغداد مرتين وحدث بها، وكان قدومه إحدى المرتين بسبب أخ له حبس في دين كان عليه، فجاء يتكلم فيه، وكان شعبة واسطيا نزل البصرة، وقال فيه الذهبي “وهب له المهدي ثلاثين ألف درهم، فقسمها” وقال ابن عيينة “سمعت شعبة يقول من طلب الحديث أفلس، بعت طست أمي بسبعة دنانير” وقال أبو عبد الله أقام شعبة على الحكم بن عتيبة ثمانية عشر شهرا حتى باع جذوع بيته” وكان من أبرز ملامحه وورعة هو عطفه على الفقراء والمساكين، حيث قال النضر بن شميل.

 

ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة كان إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يعطى، وكان يقول والله لأنا في الشعر أسلم مني في الحديث، ولو أردت الله لما خرجت إليكم، ولو أردتم الله ما حييتموني، ولكنا نحب المدح ونكره الذم” وقيل لقيه سليمان بن المغيرة يوما وهو راكب حماره، فشكا إليه الفقر والحاجة، فقال “والله ما أملك غير هذا الحمار” ثم نزل عنه ودفعه إليه، وكما اشتهر شعبة أيضا بكثرة عبادته، فقال فيه سفيان الثوري “شعبة إمام المتقين” وقال فيه أبو بكر البكراوي “ما رأيت أعبد لله من شعبة، لقد عبد الله حتى جف جلده على ظهره” وكما كان غيورا على الحديث، يلاحق الرواة غير المؤهلين لذلك، فإما أن يكفوا عن الحديث أو يشكوهم وقال في ذلك الشافعي “كان شعبة يجيء إلى الرجل، يعني الذي ليس أهلا للحديث، فيقول لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان”

 

وفي همته في حفظ الحديث ونشره قام بعد أن طهره من كل دخيل بالعمل على حفظه في صدور الرجال، فنشط في مهمة نشره بين العراقيين خوفا عليه من الضياع، وقال بقية بن الوليد، سمعت شعبة يقول “إني لأذاكر بالحديث يفوتني، فأمرض” وكان شعبة في البداية مهتما باللغة والشعر، وبلغ بهما مبلغا، حتى قال فيه الأصمعي “لم نري أحدا قط أعلم بالشعر من شعبة” ثم تحول إلى الحديث، وذلك في حادثة ذكرها هو قائلا “كنت ألزم الطرماح وهو شاعر إسلامي، اسأله عن الشعر، فمررت يوما بالحكم بن عتيبة وهو يقول حدثنا يحيى بن الجزرا وقال حدثنا زيد بن وهب وقال حدثنا مقسم، فأعجبني، وقلت هذا أحسن من الذي اطلب أعني الشعر فمن يومئذ طلبت الحديث” وقد كان هذا بعد سنة مائة وتسع من الهجرة، ذلك أنه فاتته الرواية عن الشعبي الذي توفي في تلك السنة.

 

وركب شعبة يوما حماره فلقيه سليمان بن المغيرة فشكا إليه الفقر والحاجة، فقال ” والله ما أملك غير هذا الحمار” ثم نزل عنه ودفعه إليه فابتيع بستة عشر درهما” وكما أنه لم يذكر ابن خلكان موعد ولادته صراحة وإنما ذكر متى توفي وكم كان عمره لما توفي الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج وهو أمير المؤمنين في الحديث وإمام الجرح والتعديل وأول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة، وما من مشتغل بالحديث إلا وهو يذكر له مواقف خلدت في التاريخ ذكره، ونحتت في ذاكرة المحدثين والعلماء اسمه، لذا قال فيه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني الإمام المشهور، والعلم المنشور، في المناقب مذكور، له التقشف والتعبد، والتكشف عن الأخبار والتشدد, أمير المؤمنين في الرواية والتحديث، وزين المحدثين في القديم والحديث، أكثر عنايته بتصحيح الآثار والتبري من تحمل الأوزار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى