مقال

الدكرورى يكتب عن أحداث في شعبان ” جزء 2″

جريدة الأضواء الإخبارية

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع أحداث في شعبان، ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستعدون لاستقبال شهر رمضان في ذلك الشهر المبارك، ويتسابقون خلاله بالطاعات، فتجدهم يكثرون من الصدقات، وتدارس القرآن الكريم، وتلاوته، والصيام، مصداقا لما روته لؤلؤة مولاة عمار بن ياسر رضي الله عنها، أن عمار كان يتهيأ لصوم شعبان كما يتهيأ لصوم رمضان، وكانوا رضي الله عنهم يعتنون بشهر شعبان اعتناء خاصا لما علموا من كراماته ونفحاته، وقد نبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى غفلة الناس عن عظم فضل شهر شعبان، وحثهم على استغلاله بالعمل الصالح، وإن من أهم ما يميز شهر شعبان رفع الأعمال فيه إلى رب العالمين، فبعد تسجيل أعمال العباد في الصحائف، ترفع أعمال النهار في آخره قبل الليل، وترفع أعمال الليل في آخره.

قبل النهار، وترفع أعمال الأسبوع في يومي الاثنين والخميس، وترفع أعمال العام في شهر شعبان، ولذلك ينبغي للمسلم استغلال هذه الأوقات الفاضلة بالعبادة والاستغفار، ويعد شهر شعبان من الأزمنة الفاضلة التي أكرم الله تعالى عباده بها، حيث جعله موسما للأعمال الصالحة والعبادات، فهو الشهر الذي يسبق شهر رمضان المبارك، والصيام فيه يهيئ النفس لصيام رمضان، وكذلك قراءة القرآن، وسائر الأعمال، ومن الأحداث العظيمة عبر التاريخ، أيضا فى شهر شعبان هو فرض الصيام في رمضان حيث فرض الله تعالى الصيام على المسلمين في العاشر من شعبان من العام الثاني للهجرة، كما قال ابن كثير رحمه الله “وفي شعبان فرض صوم رمضان” ولا بد من الإشارة إلى أن زكاة الفطر فرضت في نفس الوقت، وكذلك تحول قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة.

حيث أمر الله تعالى المسلمين بتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، بعد أن كانت قبلتهم باتجاه بيت المقدس لسنة ونصف، وتم بذلك نسخ أول حكم شرعي، وضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في الاستجابة لأمر الله تعالى، دون أي تردد أو تأخير، حتى إن بعضهم بلغهم حكم تحول القبلة وهم راكعون في الصلاة فداروا كما هم باتجاه الكعبة، وكذلك حدوث غزوة بني المصطلق، حيث وقعت هذه الغزوة المباركة في الثاني من شعبان من العام الخامس للهجرة، وكان سببها أن بعض الأخبار وردت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفادها أن المشركين يتجمعون لقتاله والقضاء على المسلمين، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيش بالاستعداد، وباغت المشركين بالهجوم عليهم وهزمهم، ومن الأحداث التي وقعت في هذه الغزوة افتضاح المنافقين.

الذين يسعون في إفساد المجتمع المسلم، من خلال الكذب، والتحريض، ونشر الفتن بين أبنائه، حيث حاولوا استغلال خلاف وقع بين المهاجرين والأنصار ليشعلوا الصراع بين المسلمين، وقال رأس النفاق عبد الله بن أبي في ذلك اليوم قولته الخبيثة “لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل” ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل مباشرة وقال ” دعوها فإنها منتنة” فدُفنت الفتنة في مهدها، ولقد عرف العرب الأشهر الهجرية، وسموها واعتمدوها في تقويمهم وتأريخهم، وورد في القرآن الكريم ذكر لتعداد هذه الأشهر وتصنيفها، فهى اثنا عشر شهرا، مقسمة إلى أشهر حُرم وعددها أربعة، وأشهر حل أو حلال وعددها ثمانية، والأشهر الحُرم هي الأشهر التي كان يقعد فيها العرب عن القتال في الجاهلية وحتى بعد الإسلام، ويمتنعون عنه فيها.

وهي ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، فهذه الأشهر الأربعة يحرم القتال فيها، فإذا انقضت كان العرب يخرجون لملاقاة الأعداء وقتالهم، وأما الأشهر الحل فسميت بذلك لأن القتال فيها يعود حلالا بعد أن حُرم ومُنع في الأشهر الحُرم، والأشهر الحل هى صفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأول، وجمادى الآخر، وشعبان، ورمضان، وشهر شوال، وأما عن ليلة النصف من شعبان فإنه لم يثبت أي دليل فيما يخص فضل ليلة النصف من شعبان، والوارد فيما يخصها آثار مقطوعة عن بعض التابعين وأحاديث موضوعةٌ وضعيفة جدا، ولا يصح القول بأن كتابة الآجال والأعمار تكون في ليلة النصف من شعبان، وبناء على ذلك فلا يصح إحياؤها أو صيام يومها أو تخصيصها بعبادة ما، ولا حرج أو بأس من إحيائها كغيرها من الليالي دون الزيادة أو الاجتهاد أو التخصيص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى