مقال

الدكرورى يكتب عن أحداث في شعبان ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن أحداث في شعبان ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع أحداث في شعبان، كما لا حرج بصيام اليوم الخامس عشر من شعبان مع يومي الثالث عشر والرابع عشر بنية صيام الأيام البيض، أو بنية صيام الاثنين أو الخميس إن صادفهما، دون الاعتقاد بالزيادة في الأجر والفضل، وقد ورد النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البدء في صيام شعبان من منتصفه، وكذلك لا يجوز صيام آخر الشهر من باب أولى، ويخرج من النهي من كانت عادته صيام يومي الاثنين والخميس، أو صيام يومٍ وإفطار يومٍ، ولا حرج من البدء بالصيام من الثالث عشر أو الرابع عشر أو الخامس عشر من الشهر، فبذلك يتحقق أكثر من نصف الشهر، أي أنه لا حرج أيضا من صيام كل الشهر أو أكثره، وقد وردت بعض الأعمال التي لا تصح في شهر شعبان، منها أداء عدد ركعات معينة ليلة النصف من شعبان.

 

وصلاة البراءة، وهي التي تؤدى مائة ركعة في ليلة النصف أيضا، وصلاة ست ركعات اعتقادا بدفع البلاء والكرب ونيل العمر الطويل، وقراءة سورة يس، والدعاء بدعاء مخصوص، ومن البدع المحدثة أيضا الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان ليلة القدر، وصنع الطعام وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين، وهو ما يطلق عليه عشيات الوالدين، وكذلك لم يرد في فضل العبادة من صلاة أو صيام في ليلة النصف من شعبان حديث ضعيف، بل كل ما ورد فيها كان من الأحاديث الموضوعة التي لا يحل العمل بمقتضاها أو الأخذ بها، سواء كان ذلك في فضائل الأعمال أم غيرها، وممن حكم على تلك الروايات بالبطلان الإمام الجوزي في كتابه الموضوعات، وكذلك العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه المنار المنيف، وقال ابن باز رحمه الله.

 

إن كل ما ورد في فضل هذه الليلة من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة التي لا أصل لها، وبالتالي فهي ليلة لا تخص بشيء من العبادات من صلاة خاصة أو قراءة، وأنه لا يجوز تخصيص يوم النصف من شعبان بالصيام دون غيره من الأيام إلا في حالات معينة، وهي أن يصومه مع باقي أيام شهر شعبان المستحب الإكثار من الصوم فيه، وكذلك يجوز صيامه لمن كانت له عادة في الصيام كصيام يوم وإفطار يوم، أو لمن كانت عادته صيام الإثنين والخميس إذا وافقت تلك الأيام يوم النصف من شعبان، وكذلك يجوز صيامه باعتباره من الأيام البيض، وأنه لا ميزة لشعبان كشهر على غيره من الشهور، سوى ما ورد من كثرة صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، ومغفرة الله لخلقه في وسطه، فلا ميزة لشهر شعبان كما يتناقله الناس.

 

ويوردون له أحاديث لا تصح ومنها ما ورد عن السيدة عائشة رضى الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” شعبان شهري، ورمضان شهر الله، وشعبان المطهر، ورمضان المكفر” وقيل هو حديث موضوع، وأيضا قيل عن أنس بن مالك رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي ” فقيل هو حديث موضوع، وقيل أيضا ” إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب” وقيل هو ضعيف، وقيل أيضا ” أن في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت يقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة” وهو ضعيف، وقيل أيضا عن الصلاة الألفية وهى بدعه ابتدعتها الناس بما يسمى بالصلاة الألفية.

 

وهذه الصلاة المبتدعة تسمى بالألفية، لقراءة سورة الإخلاص فيها ألف مرة، لأنها مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات، وقد رُويت صفة هذه الصلاة، والأجر المترتب على أدائها، من طرق عدة ذكرها ابن الجوزي في “الموضوعات” ثم قال “هذا حديث لا نشك أنه موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل، وفيهم ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعا” وهي مما ابتدعه الناس في النصف من شعبان، وقد قال عنها الإمام النووي في كتاب “المجموع” الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب “قوت القلوب” و”إحياء علوم الدين” ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل.

 

ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة، فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك، ونحن على أعتاب هذا الشهر الكريم، فإن هذا موسم من مواسم الطاعة، وفرصة من الفرص الذهبية التي تتاح لعشاق الجنة الذين يتوقون إلى رفقة سيد المرسلين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أجمل التسابق بين أفراد الأسرة في طاعة الله عز وجل وما أطيب التعاون بينهم على البر والتقوى والعبادة والطاعة، لا سيما في هذا الشهر الكريم، فيجب علينا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به في طاعته لله تعالى، وكثرة صيامه في هذا الشهر الكريم، وأن تسارع المسلمات الفضليات بقضاء ما عليهن من أيام رمضان الماضى، اقتداء بأمهات المؤمنين زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

حيث كن يؤخرن قضاء رمضان إلى شعبان ليوافق صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان، وذلك لأنهن كن يشتغلن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قضاء ما عليهن من رمضان، وأن يُقبل الجميع على كتاب الله تعالى تلاوة وتدبرا وتعبدا وتخشعا، فما هي إلا أيام ويُقبل علينا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الكريم، وأن يسارع الذين يؤمون المسلمين في صلاة التراويح، بمراجعة ما يحفظون من كتاب الله تعالى، وأن يشغلوا أنفسهم في شهر شعبان بهذا الواجب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى