ثقافةمقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 6″

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس مع مفهوم الأم في الإسلام، قيل يا رسول الله أم كبيرة بالسن، فأرسل إليها رسول الله وقال الرسول” قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله وإلا فقرّي في المنزل حتى يأتيك” فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت نفسي له الفداء, أنا أحق بإتيانه فتوكأت على عصى وأتت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلمت فرد عليها السلام وقال لها” يا أم علقمة كيف كان حال ولدك علقمة ؟ قالت يا رسول الله كثير الصلاة وكثير الصيام وكثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك ؟ قالت يا رسول الله أنا عليه ساخطة قال صلى الله عليه وسلم ولم ؟ قالت يا رسول الله يؤثر على زوجته ويعصيني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة من الشهادة.

ثم قال صلى الله عليه وسلم يا بلال انطلق واجمع لي حطبا كثيرا، قالت يا رسول الله وما تصنع به ؟ قال صلى الله عليه وسلم احرقه بالنار بين يديك” قالت يا رسول الله ولدى لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال صلى الله عليه وسلم يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى, فإن سرّك أن يغفر الله فأرضى عنه، فو الذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصدقته مادمت عليه ساخطة” فقالت يا رسول الله إني اشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق يا بلال إليه فانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله، أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء منة، فانطلق بلال فسمع علقمة من داخل الدار يقول لا إله إلا الله، فدخل بلال وقال يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه.

عن الشهادة وإن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمه من يومه فحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه، ثم قام صلى الله عليه وسلم على شفير قبره فقال يا معشر المهاجرين والأنصار من فضّل زوجته على أمه فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا إلا أن يتوب إلى الله عز وجل ويحسن إليها ويطلب رضاها فرضا الله في رضاها وسخط الله فى سخطها، وإن القصة في كتاب الكبائر المنسوب إلى الإمام الذهبى، وهو أشبه ما يكون بالموضوعات وأحاديث القصّاص، وقيل هى من قصص لا تثبت، فكيف ترجو توفيقا وقبولا, والله قد أعرض عن العاق, والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة” وذكر منهم “العاقُ لوالديه” فتذكر أيها المقصر مع والديه.

ليلة تصبحها بلا أم, وتذكر ساعة تدخل فيها المنزل، فلا تسمع صوتها ولا تبصر رسمها, ولا ترى ثيابها, تذكر يوما تحثو فيه التراب على قبرها, وتذكر يوما تتقبل التعازي بها, هناك ستعرف قدر أمك, هناك ستعرف أي أمر فقدت، وأي باب أوصد عنك, وأي خير حرمت، سل ذلك الذى فقد أمه يخبرك كيف تغير عليه طعم الحياة, حين خلف أمه في المقابر, فلم يجد من بعدها من يسنده ويدعو له ويبث له شكواه, ولن يعرف قدر هذا إلا من عاناه، ألا فعُد اليوم وأرض أمك وأباك, واستدرك ما بقي، وأصلح ما فات, وعاهد نفسك الآن على البر والإحسان مادام في العمر إمكان، وتعالوا لنتأمل سريعا هذه الآيةَ العظيمة التي طالما سمعناها كما جاء فى سورة الإسراء ” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا” فانظر كيف قرن حقهما مع حقه سبحانه.

ولم يقرن مع حقه أحدا سواهما، وأمر الله عز وجل بالإحسان إليهما، بكل ما تحمله الكلمة من معاني الإحسان قولا وفعلا، ثم خص بعد العموم، فقال تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” وإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ” وهذا نهى عن أدنى أذى لفظي، ولا تنهرهما وهو نهي عن أى مضايقة حركية، وقال عطاء بن أبي رباح “لا تنفض يدك عليهما” ولما نهى عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول الحسن والفعل الحسن، فقال كما جاء فى سورة الإسراء ” وقل لهما قولا كريما ” وقال ابن كثير “أى بمعنى لينا طيبا حسنا، بتأدب وتوقير وتعظيم” وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتواضُع لهما فقال تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ” وختم الأوامر في الآية بالدعاء لهما فقال تعالى ” وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى