مقال

الدكروري يكتب عن موقف الشرع من الشهادة ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن موقف الشرع من الشهادة ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن كانت عندك شهادة حق لإنسان فأدها وقم بها فإن الله سبحانه وتعالى يقول ” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه” وكن دائما متذكرا مستحضرا لآية جليلة عظيمة في كتاب الله تبارك وتعالى، ألا وهي قوله سبحانه كما جاء فى سورة الزخرف ” سنكتب شهادتهم ويسألون” فكل شهادة تشهد بها في الدنيا هي مكتوبة عليك وستسأل عنها يوم القيامة، بين يدي الله، فأعد للسؤال جوابا، وأعد للجواب صوابا، فاتقوا الله وتحرزوا من آفات ألسنتكم، فإنها وخيمة، واجتنبوا شهادة الزور، فإن عقوبتها عظيمة، وشهادة الزور هي الشهادة الكاذبة التي ليس لها أساس من الصحة، بأن يشهد الإنسان بما ليس له به علم، إما بدافع الحمية لمناصرة المشهود له بالباطل، وإما بدافع الطمع بما يعطيه المشهود له من مكافأة مالية أو غيرها، دون تفكير في العاقبة الوخيمة.

ودون خوف من الله عز وجل، فإن الشهادة يجب أن تكون عن علم بالمشهود به، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة الزخرف ” إلا من شهد بالحق وهم يعلمون” أي يعلمون بقلوبهم ما تشهد به ألسنتهم فلا يجوز للإنسان أن يشهد إلا بما يتحققه إما برؤية أو سماع من المشهود عليه ونحو ذلك مما يفيد العلم لدى الشاهد، وما لا يعلمه لا يجوز له أن يشهد به، فقال الله تعالى فى كتابه العزيز كما جاء فى سورة الإسراء” ولا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا” فتحفظوا في شهادتكم، وتحرزوا مما تنطق به ألسنتكم فإن شاهد الزور قد ارتكب أمورا خطيرة، منها الكذب والافتراء، وقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة النحل” إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون” وقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة غافر.

“إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب” وإن من المحاذير التي ارتكبها شاهد الزور أنه ظلم الذى شهد عليه، فاستبيح بشهادته عليه دمه أو ماله أو عرضه، ومن المخاطر التي ارتكبها شاهد الزور أنه ظلم المشهود له حيث ساق إليه بموجب شهادته حق غيره ظلما وعدوانا، فباع بدنيا غيره وظلم الناس للناس، فيا شاهد الزور لقد ظلمت نفسك وظلمت الناس للناس وبعت دينك بدنيا غيرك، فإنه شاهد بشهادته الحق باطلا والباطل حقا، وشاهد الزور يغرر بالحكام، ويفسد الأحكام، ويساعد أهل الإجرام، فكم أخربت شهادة الزور من بيوت عامرة، وضيعت حقوقا واضحة، وأزهقت أرواحا بريئة؟ وكم فرقت بين المرء وزوجه؟ وكم منعت صاحب الحق من حقه، وجرأت المفسدين على الفساد، وفي وقتنا قد كثر التساهل في الشهادة خصوصا في مجال التزكيات.

فإذا طلب تزكية شخص تبادر الكثير إلى تزكيته دون علم منهم بحاله وسلوكه، ودون اعتبار لما يترتب على هذه التزكية من مخاطر، فقد يتولى هذا الشخص المزكى منصبا يسيء فيه إلى المسلمين، أو يستغل هذه التزكية للتغرير بالمسلمين وأخذ مالا يستحق، ومن التساهل في الشهادة الشهادة لشخص أنه يستحق من مال الدولة كذا وكذا والواقع خلاف ذلك، كما إذا وضعت الحكومة مساعدات للفقراء والمحتاجين، وهو ما يعرف بالضمان الاجتماعي فشهد شاهد أن هذا الشخص محتاج ومستحق، وهو ليس كذلك، فهذه الشهادات من الزور الذى حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن شهادة الزور تفسد المجتمعات وتحول دون تنفيذ أحكام الله تعالى وتغرر بالقضاة والمفتين وتفسد الدنيا والدين، فيجب على ولاة الأمور أن يعاقبوا شاهد الزور بالعقوبة الرادعة.

ويشهروا أمره حتى يعرفه الناس ويحذروه ولا يثقوا به، ومن كانت عنده لأخيه شهادة بحق وجب عليه أداؤها عند الحاجة إليها، أى إذا دعيتم إلى إقامتها فلا تخفوها بل أظهروها، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما شهادة الزور من أكبر الكبائر، وكتمانها كذلك، أى أنه فاجر قلبه، وقد قيل ما أوعد الله تعالى على شيء كإيعاده على كتمان الشهادة، فقال تعالى ” فإنه آثم قلبه ” فأراد به مسخ القلب، وخص القلب لأنه موضع العلم والشهادة، وقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين” فقد أضاف الشهادة إلى الله تشريفا لها وتعظيما لأمرها،لأنها تفرز الحقوق وتبين الحق من الباطل، ولا يجوز للإنسان أن يتحمل شهادة على جور أو أمر محرم فقال الله تعالى فى سورة المائدة “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى