مقال

الدكروري يكتب عن الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني ” جزء 4″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني، وان الرجل إذا قام من الليل مجتهدا اصبح فرحا يجد لذلك فرحا في قلبه، إذا غلبته عيناه فنام أصبح لذلك حزينا منكسر القلب كأنه فقد شيئا وقد فقد أعظم الامور له نفعا، وكان يحث على الذكر فيقول الساعة بين المغرب والعشاء، فإنها ساعة الغفلة وهي صلاة الأوابين ومن جمع القرآن فقرأه من أوله إلى آخره في الصلاة كان في رياض الجنة، وكان يعتبر مجالس الذكر فيقول مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، وكان بعد رحلة عطاء الخراساني في طلب العلم، وبعد أن مكث عطاء الخراساني في خراسان مدة طويلة، همّ أن ينتقل منها لطلب العلم فيقول لما هممت بالنقلة من خراسان شاورت من بها من أهل العلم، أين ترون أن أنزل بعيالي؟ فكلهم يقول عليك بالشام، ثم أتيت البصرة.

 

فشاورت بها أين ترون لي أن أنزل بعيالي؟ قال فكلهم يقول لي عليك بالشام، ثم أتيت أهل الكوفة فشاورت من بها من أهل العلم أين ترون لي أن أنزل بعيالي؟ فكلهم يقول لي عليك بالشام، ثم أتيت مكة فشاورت من بها من أهل العلم أين ترون أن أنزل بعيالي؟ فكلهم يقول عليك بالشام، ثم أتيت المدينة فشاورت من بها من أهل العلم أين ترون لي أن أنزل بعيالي؟ فكلهم يقول لي عليك بالشام، وكان عطاء الخراساني من خيار عباد الله ومن التابعين الكبار العبّاد ومتفق على توثيقه بين المحدثين، فسكن الشام، ونزل دمشق والقدس، وروى عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وروى عنه شعبة ومالك بن أنس وغيرهم، وقال الدارقطني هو في نفسه ثقة وقال بن أبي حاتم عن أبيه ثقة صدوق قلت يحتج به قال نعم.

 

وكان عطاء الخراساني كثير العبادة وأشتهر عنه الإكثار من قيام الليل، فعن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال كنا نغزو مع عطاء الخراساني، فكان يُحيي الليل من أوله إلى آخره إلا نومة السحر، وكان يعظنا ويحضنا على التهجد وفي رواية كنا نغازي مع عطاء الخراساني فكان يحيي الليل بصلاته وكان إذا قام ثلثه أو نصفه نادانا وهو في فسطاطه يا فلان يا فلان قوموا فتوضأوا وصلوا، ثم يقبل على صلاته، وكان عطاء الخراساني يقول قيام الليل محياة للبدن ونور في القلب وضياء في البصر وقوة في الجوارح وإن الرجل إذا قام من الليل متهجدا أصبح فرحا يجد لذلك فرحا في قلبه وإذا غلبته عيناه فنام عن جزئه أصبح لذلك حزينا منكسر القلب كأنه قد فقد شيئا وقد فقد أعظم الأمور له نفعا، وعن أبي خليفة قال صلى عطاء الخراساني معنا المغرب ثم أخذ بيدي وانصرفنا.

 

فقال ترى هذه الساعة ما بين المغرب والعشاء، فإنها ساعة الغفلة، وهي صلاة الأوابين، ومن جمع القرآن فقرأه من أوله إلى آخره في الصلاة كان في رياض الجنة، وكان يقول مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، وقد مرض الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني ودخل عليه محمد بن واسع، وكان قد مرض عدة مرضات قبل موته، وتوفي بأريحا ودُفن في بيت المقدس، سنة مائة وخمس وثلاثون من الهجرة، وقيل سنة مائة وثلاثة وثلاثون من الهجرة، ولكن قيل أن الرأي الأول هو أشهر والأصح، وأوصى قبل موته بوصية طويلة ذكرها أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أولها يقول فيها “إني لا أوصيكم بدنياكم، أنتم بها مستوصون، وأنتم عليها حراص، وإنما أوصيكم بآخرتكم، تعلمن أنه لن يعتق عبد وإن كان في الشرف والمال.

 

وإن قال أنا فلان ابن فلان، حتى يعتقه الله تعالى من النار، فمن أعتقه الله من النار عتق، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط، فجدوا في دار المعتمل لدار الثواب، وجدوا في دار الفناء لدار البقاء، فإنما سميت الدنيا لأنها أدني فيها المعتمل، وإنما سميت الآخرة لأن كل شيء فيها مستأخر ولأنها دار ثواب ليس فيها عمل” وقال سعيد بن عبد العزيز عن عطاء أنه توفي بأريحا ودفن ببيت المقدس، وقال ابنه عثمان مات أبي سنة خمس وثلاثين ومائة وقيل مولده سنة خمسين، وهكذا كان عطاء بن أبي مسلم الخراساني هو أحد رواة الحديث النبوي، وذهب إلى المدينة المنورة وطلب التفسير على يد زيد بن أسلم الذي كان له اهتمام كبير بتفسير القرآن، وروي الحديث عنه عدد كبير من تابعي التابعين وحديثه في صحيح مسلم والسنن الأربعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى