مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 12″ 

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 12″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني عشر مع الإمام إبن حجر العسقلاني، بحيث كنت إذا نظرت إليه وهو على المنبر، يغلبني البكاء، كما أسندت إليه وظيفة الوعظ بجامع الظاهر بالحسينية، تلقاها عن الشيخ نور الدين الرشيدي بحكم وفاته، وقد عُرض على ابن حجر النيابة في القضاء قبل سنة ثماني مائة للهجرة، وذلك من خلال القاضي صدر الدين المناوي، إلا أنه امتنع، لأنه حينئذ كان لا يؤثر على الاشتغال بالحديث شيئا، وفوض إليه الملك المؤيد القضاء بالمملكة الشامية مرارا فأبى وأصر على الامتناع وبالغ في الاستعفاء، إلا أن موقفه من القضاء بداء يتغير تدريجيا نتيجة لإسناد بعض المهام المتعلقة بالقضاء إليه، حيث ولاه الملك المؤيد الحُكم في قضية خاصة، هي الفصل بين ين الهروي قاضي الشافعية آنذاك، وبين خصومه الخليليين والمقادسة، ثم ناب في الحكم عن قاضي القضاة جلال الدين البلقيني.

 

مدة طويلة، ثم عن القاضي ولي الدين العراقي، وفي السابع والعشرين من المحرم سنة ثماني مائة وسبعة وعشرون للهجرة، تولي قضاء قضاة الشافعية بالديار المصرية، وذلك بتفويض من الملك الأشرف برسباي بعد انفصال القاضي علم الدين صالح البلقيني، ولم تدم مدة ولايته الأولى هذه في القضاء، فقد صرف نفسه في ذي القعدة من نفس العام، وفي أول رجب من سنة ثماني مائة وثماني وعشرون للهجرة، أعيد للقضاء واستمر في المنصب هذه المرة إلى أن صرف بعلم الدين صالح البلقيني في صفر من سنة ثماني مائة وثلاث وثلاثين للهجرة، وظل يولى ثم يُصرف في منصب قاضي القضاة، حتى صرف نفسه في شهر جمادى الثانية سنة ثماني مائة واثنين وخمسين للهجرة، بعد زيادة مدد ولايته على إحدى وعشرين سنة، وزهد في القضاء زهدا تاما لكثرة ما توالى عليه من الأنكاد والمحن بسببه.

 

وصرح بأنه لم تبقي في بدنه شعرة تقبل اسم القضاء، وقد تولي ابن حجر مشيخة البيبرسية ونظرها، رغب له عن ذلك العلاء الحلبي في سنة ثماني مائة وثلاثة عشر للهجرة، وولي ايضاَ وظيفة خزن الكتب بالمدرسة المحمودية، والإشراف على ما فيها من النوادر، فقد كان بها نحو أربعة آلاف مجلد، وعمل ابن حجر لها فهرست على الحروف في أسماء التصانيف ونحوها، وآخر على الفنون، وكان يقيم بها في الأسبوع غالبا يوما واحدا، وتيسر على يده عود أشياء مما كان ضاع منها قبله، وقد رشح أيضا لبعض الوظائف فلم يقبلها، منها التوجه إلى اليمن في الرسلية عن الملك المؤيد شيخ المحمودي، وتولي قضاء دمشق، وتولي قضاء اليمن وكتابة سرها للملك الأشرف إسماعيل بن العباس، وأما عن الانتقادات والمآخذ علي الإمام الحافظ بن حجر، فكان التعصب ضد الحنفية.

 

حيث انتقد أنور شاه الكشميري ابن حجر، وقال أنه متعصب ضد الحنفية، حيث قال لا يريد أن ينتفع الحنفية من كلامه ولو بجناح بعوضة، فإن حصل، فذلك بلا قصد منه، وقال يتطلب دائما مواقع العلل، ويتوخى مواضع الوهن من الحنفية، ولا يأتي في أبحاثه ما يفيد الحنفية، ويقول شيئا، وهو يعلم خلاف ذلك، ولا يليق بجلالة قدره ذلك الصنيع، وحاشاي أن أغض من قدر الحافظ ابن حجر الذي يستحقه، وإنما هي حقائق ناصعة، ووقائع ثابتة، يجب على الباحث الناقد أن يعرفها، وعفا الله عنه، وبدّل سيئاته حسنات” وكذلك التساهل في تصحيح الأحاديث الحسنة، حيث يرى بعض الباحثين مثل مصطفى إسماعيل السليماني وسامر ناجح سمارة ومحمد خلف سلامة أن ابن حجر كان يتساهل في تصحيح الأحاديث الحسنة، فقال مصطفى إسماعيل السليماني ” وأما ابن حجر من جهة تصحيح الأحاديث والكلام عليها.

 

فهو إلى التساهل أقرب، وقد بان لي هذا جليا عند تحقيقي للفتح، هذا، ومما ينبغي التنبه له أن ما كان عند ابن حجر من تساهل في التحسين فذلك وصف لا ينفرد به ابن حجر، بل يشاركه فيه أغلب المتأخرين، أشار إلى هذا المسلك عند المتأخرين، بل صرح به المعلمي اليماني في الأنوار الكاشفة، وكذلك أيضا من الإنتقادات هو التناقض في بعض أحكام الجرح والتعديل، وهو مما يؤخذ على ابن حجر، كثرة تناقضه في أحكامه، فيقول صاحب كتاب تحرير التقريب بأن إبن حجر يتناقض في أحكامه تناقضا عجيبا، فهو يوثق الرجل هنا أو يضعفه، ويضعفه أو يوثقه في كتاب آخر” وكذلك أيضا الميل إلى التفويض والتأويل في الصفات، فإنه يأخذ علماء السلفية على ابن حجر الميل إلى التفويض والتأويل في الصفات في كتابه فتح الباري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى