مقال

الدكرورى يكتب عن خصائص وفضائل شهر رمضان ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن خصائص وفضائل شهر رمضان ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع خصائص وفضائل شهر رمضان، فقد قَال الله سبحانه وتعالى واصفا شهر رمضان المبارك فى كتابه قائلا ” أياما معدودات” وفى الآية إشارة إلى أن موسم رمضان العظيم أيامه قليلة سريعة الذهاب، فلا بد من الاستعداد لاغتنامها حتى لا يقع الندم على تضييعها بعد فوات الأوان، وكذلك التقليل من الطعام إذ إن الإفراط فى تناول الطعام يُؤدى إلى التكاسل فى أداء الطاعات، وعدم الخشوع عند الوقوف بين يدى الله سبحانه وتعالى، كما أن تقليل الطعام من مقاصد الصيام، ومما يدل على أن الإفراط فى الأكل مذموم، وهو ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل تجشأ عنده ” كف جشاءك عنا فإن أطولكم جوعا يوم القيامة أَكثركم شبعا في دار الدنيا” وكان سلمة بن سعيد رحمه الله يقول “إن كان الرجل ليعيّر بالبطن، كما يُعيّر بالذنب يعمله”

وأيضا يجب عليك أن تعلم أحكام الصيام، فقد ذهب أهل العلم إلى وجوب تعلم أحكام الصيام على كل مَن وجب عليه الصيام إذ إن الجهل بأحكام الصيام، وآدابه، وشروطه من الأسباب التي قد تحرم المسلم من الأجر والثواب، ولربما صام من لديه عذر شرعي يوجب إفطاره، ولربما صام العبد ولم ينل من صيامه إلا الجوع والعطش لجهله بأحكام الصيام، وإن شهر رمضان هو فرصة للتغيير، فقد مَنّ الله سبحانه وتعالى على عباده الصالحين بأزمنة مباركة تتضاعف فيها الأجور، وتنتشر فيها الأجواء الإيمانية، وتسمو فيها الأرواح، ومن تلك الأزمنة شهر رمضان المبارك الذي يعد فرصة لا تعوض للتوبة، والإقلاع عن الذنوب، وتجديد الإيمان فى القلوب، وينبغي للمسلم الاستعداد النفسى لاستقبال شهر رمضان فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يقولون “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان”

حتى إذا دخل شهر رمضان المبارك، استقبلوه بقلب حى، ونفس مشرقة، وتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على الطاعات، واجتناب المنكرات، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال” رغم أنف رجل ذكرت عنده، فلم يُصلى عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يُغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكِبر، فلم يُدخلاه الجنة” فلا بد من استغلال تلك الفرصة العظيمة التى منحها الله سبحانه وتعالى للذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي والذنوب؛ ليتوبوا، ويستغفروا ربهم قبل أن يأتيهم الموت، فيندموا على تفريطهم وتضييعهم لأمر الله سبحانه وتعالى، فقال الله تعالى ” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون” وإن الاستعداد لشهر رمضان يجب أن يكون فى رجب قلم يكن استعداد السلف الصالح رضوان الله عليهم.

لاستقبال شهر رمضان المبارك في شهر شعبان فحسب، بل كانوا يستعدون لشهر رمضان فى شهر رجب أيضا، وكان بعضهم يقول”رجب شهر الغرس، وشعبان شهر السقى، ورمضان شهر جني الثمار، فإذا أردت جنى الثمار فى رمضان، فلا بد من الغرس في رجب، وسقى ذلك الغرس في شعبان” وقد شبه السرى السقطى رحمه الله، العام بالشجرة، والشهور بالفروع، والأيام بالأغصان، والساعات بالأوراق، وأنفاس العبد بالثمار، وبيّن أن شهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام قَطفها ولذلك ينبغي الاستعداد بغرس الأعمال الصالحة في رجب، والاستمرار والمواظبة عليها فى شهر شعبان لقطف الثمار، والشعور بلذة العبادة في رمضان، ويعد شهر شعبان من مواسم الخير والطاعات التى مَنّ الله سبحانه وتعالى بها على عباده المؤمنين.

وخصوصا أن شهر شعبان يسبق شهر رمضان المبارك ولذلك ينبغى الاستعداد لاستقبال شهر رمضان في شعبان، كما أن شهر شعبان باب للوفاء بعهود المؤمنين مع الله من صلاة، وذكر، وطاعات، وأن الشيطان قد يوسوس للعبد بأن صوم شعبان سيضعف همّته لصيام رمضان، والصحيح أن من صام شعبان احتسابا للأجر من الله سبحانه وتعالى ليغفر ذنبه، فإن الله يعينه على صيام الشهرين فإذا فتح الله للعبد باب الطاعة، هيأ الأسباب لها، وإذا فتح باب المغفرة، هيّأ الأسباب لها، والأصل أن يهمّ المسلم بالطاعة دون التفكير في العواقب فالعاقبة بيد الله سبحانه وتعالى، وهى بالتأكيد محمودة، وإن تعمير أوقات الغفلة تكون بالطاعة فقد يغفل الكثير من المسلمين عن الطاعات في شهر شعبان، وقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم المؤمنين من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى