مقال

الدكروري يكتب عن التربية والتحلي بالصفات النبيلة ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التربية والتحلي بالصفات النبيلة ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع التربية والتحلي بالصفات النبيلة، في حين أن العلماء الأجلاء والصادقين المخلصين لا يؤبه لهم، لعله الزمن الذي تنبأ به سيد الخلق صلي الله عليه وسلم فأصبح المعروف فيه منكرا والمنكر معروفا، ولكن أين نحن من هذا الذي جاء به سيد الأنبياء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أين نحن من أخلاق النبوة؟ حقا إننا نعيش اليوم أزمة أخلاق في كل المستويات، وكل هذا بسبب ضعف الوازع الديني، فلا يمثل الدين مرجعية ولا رادعا ولا موجها والسبب الرئيسي في ذلك التيه والضياع، هو غياب القدوة في كل المجالات الاجتماعية، بدءا بالأسرة الى آخره، فقيمة الرمز والمرجعية قد تلاشت في مجتمعنا فلم نعد نرى “كبير لأى إنسان إلا ما رحم الله ” ولم يعد للمعلم سطوته التي كان عليها وبالمنهج النبوي لم نعد نرى أثرا لحديث ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”

فإن صلاح الأخلاق عامل رئيس في قوام المجتمع وبنائه وصلاحه، فإذا شاعت في المجتمع الأخلاق الحسنة من الصدق والأمانة والعدل والنصح أمن الناس وحفظت الحقوق وقويت أواصر المحبة بين أفراد المجتمع وقلت الرذيلة وزادت الفضيلة وقويت شوكة الإسلام وإذا شاعت الأخلاق السيئة من الكذب والخيانة والظلم والغش فسد المجتمع واختل الأمن وضاعت الحقوق وانتشرت القطيعة بين أفراد المجتمع وضعفت الشريعة في نفوس أهلها وانقلبت الموازين ، وإننا لو نظرنا إلى حياتنا المعاصرة لوجدنا انفصالا بين ما نقرأه ونتعلمه ونتعبد به وبين ما نطبقه على أرض الواقع، وقيل في قصة تدل على مدى الانفصام والانفصال بين النظرية والتطبيق، قيل أن شاب يعمل في دولة أجنبية، فأعجبته فتاة أجنبية فتقدم لخطبتها وكانت غير مسلمة، فرفض أبوه لأنها غير مسلمة.

فأخذ الشاب مجموعة من الكتب تظهر سماحة الإسلام وروحه وسلوكياته وأخلاقه ثم أعطاها لها، طمعا في إسلامها والزواج منها، فطلبت منه مهلة شهرين تقرأ الكتب وتتعرف على الإسلام وروحه وأخلاقه وسماحته، وبعد انتهاء المدة تقدم لها فرفضته قائلة لست أنت الشخص الذي يحمل تلك الصفات التي في الكتب، ولكني أريد شخصا بهذه الصفات، فإن بناء الشخصية على أساس من القيم والأخلاق الرفيعة، تكون منذ نشأة الإنسان وصغره وتعلمه، وما العلم في جوهره إلا تجسيد للأخلاق، وإعلاء للقيم، وقد ربط الإسلام بين العلم والأخلاق رباطا وثيقا، وجاءت المبادرة السامية لتدريس التربية الأخلاقية، مستمدة قوتها من تعاليم الإسلام السمحة وقيمه النبيلة، لتعيد للإنسان توازنه في هذا الزمان، وإن إدراجها ضمن المناهج والمقررات الدراسية هو دعم للعملية التعليمية.

لتنشئة جيل واع، يتزود بالإيمان، ويتمسك بالأصالة والقيم والمبادئ، ويتخذ من العادات والتقاليد الأصيلة، سبيلا وطريقا ومنهجا، تغلب عليه مفردات التسامح والمحبة، واحترام الآخر دون تفريق أو تمييز للون أو ملة أو عرق أو دين، وترتقي بهم إلى أعلى القيم والأخلاق، وكذلك التربيه على قيم الآباء والأجداد، لتزرع في هذا الجيل حب الانتماء للوطن، والحرص على رفعته وتقدمه، وهذه التربية الأخلاقية تسهم في تكامل الفرد معرفيا وأخلاقيا وذهنيا، فيتشربها أبناؤنا الطلاب لترافقهم وتلازمهم في جميع تعاملاتهم وكذلك، أهمية تفعيل الدور المشترك للمؤسسات التعليمية والتربوية في إعداد النشء وتربيته، وبناء شخصيته الفاعلة والطموحة، حيث يتعاظم دور الأسرة في هذه المرحلة أكثر من أي مرحلة سابقة، وكذا دعم الجهود المدرسية لدى الأبناء للالتزام بالأخلاق الفاضلة.

التي نحافظ بها على حضارتنا، وإن العامل الأكبر في انتشار الإسلام في عصر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الصالح إنما هو مكارم الأخلاق الكريمة التي لمسها المدعون في هذا الجيل الفذ من المسلمين، سواء كانت هذه الأخلاق في مجال التجارة من البيع والشراء، مثل الصدق والأمانة، أو في مجال الحروب والمعارك، وفي عرض الإسلام عليهم وتخييرهم بين الإسلام أو الجزية أو المعركة، أو في حسن معاملة الأسرى، أو عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان، هذه الأخلاق وغيرها دفعت هؤلاء الناس يفكرون في هذا الدين الجديد الذى يحمله هؤلاء، وغالبا كان ينتهي بهم المطاف إلى الدخول في هذا الدين وحب تعاليمه، ومؤاخاة المسلمين الفاتحين في الدين والعقيدة، وينبغي على كل فرد من أفراد المجتمع أن يبادر ويسارع إلى خدمة وطنه.

ومجتمعه وبني جنسه ولنا القدوة في سلفنا الصالح رضي الله عنهم فقد كانوا دوما في سباق إلى الخيرات ومساعدة ذوي الحاجات والمعدمين فهذا أبوبكر الصديق رضي الله عنه الذي ما وجد طريقا علم أن فيها خيرا وأجرا وخدمة للمجتمع إلا سلكها ومشى فيها، فحينما وجّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بعض الأسئلة عن أفعال الخير والخدمة اليومية لأفراد المجتمع، كان أبو بكر الصديق هو المجيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر انا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر انا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما اجتمعن في امريء إلا دخل الجنة” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى