دين ودنيا

إياك ومخاطر التدخين ” جزء 1″

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن النظافة في الشريعة الإسلامية تشمل نظافة البدن ونظافة الثوب ونظافة المكان ونظافة القلب ونظافة المسجد ونظافة الطرق، وقد ورد ذكر الطهارة في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثين موضعا، فيقول تعالي في سورة البقرة ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” ويقول تعالي في سورة الأعراف ” يا بني آدم خذووا زينتكم عند كل مسجد” ويقول النبي صلي الله عليه وسلم ” إن الله طيب نظريف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا أراه قال أفنيتكم ولا تشبهوا اليهود” رواه الترمذي، فقد كان صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله تعالى بدنا، وثوبا، وبيتا، ومجلسا، فلقد كان بدنه الشريف نظيفا وضيئا، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال ” ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف النبي صلي الله عليه وسلم ولا شممت ريحا قط أو عرقا قط أطيب من ريح أو عرق النبي صلي الله عليه وسلم”

 

وعن أبي قرصافة قال ذهبت أنا وأمي وخالتي فأسلمن وبايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصافحن، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأمي وخالتي ورجعنا من عنده منصرفين قالت لي أمي وخالتي يا بني ما رأينا مثل هذا الرجل، ولا أحسن منه وجها، ولا أنقى ثوبا ولا ألين كلاما ورأينا كأن النور يخرج من فيه، أي من فمه” فهو صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله بدنا، وأنقاهم ثوبا، وكان صلى الله عليه وسلم يستاك حين خروجه من منزله، وحين دخوله، وهذه صفة النبي في نظافة بدنه وثيابه وبيته ومجلسه، فعن سليمان بن صرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “استاكوا وتنظفوا وأوتروا فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر” أي بمعني التدليك ثلاث مرات، والاستياك ثلاث مرات، والتنظيف ثلاث مرات، وغسيل الآنية ثلاث مرات، وقال صلي الله عليه وسلم “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة”

 

وإن الإنسان الذي يسعى للحصول على حياة صحية سليمة وخالية من أي مرض يجب عليه الإقلاع عن عادة التدخين واتباع كافة الطرق والوسائل التي تساعده على التخلص من هذا الوباء المدمّر لحياته، وإن هذه الأمة التي اختار لها الله تعالى أن تكون أمة طيبة، طاهرة، نقية تقية، منزهة عن كل خبث وفساد وقبح وقذارة، هذه الأمة التي أرادها الله كذلك قد ابتليت بكثير من الأمراض الخبيثة والعلل القبيحة والعادات السيئة والظواهر الفاسدة، وكأنها قد عمي بصرها عن قوله تعالى “ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب” ولعل ظاهرة التدخين تعتبر أكثر الظواهر والعادات انتشارا بين أفراد الأمة، حيث أصبحت متفشية بين أفراد المجتمعات على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم صغارا وكبارا، رجالا ونساء، شيبا وشبابا، مثقفين وأميين، فقراء وأغنياء ولم ينجو من هذه البليّة والمصيبة إلا من غلب الإرادة على الهوى.

 

والعقل على العاطفة، والمصلحة على المفسدة ولايختلف اثنان من العقلاء في أن التدخين بجميع أنواعه خبث من الخبائث، مُضرّ بالنفس والبدن، هالك للصحة، مُضيع للمال، مُفسد للأخلاق، مُخرب للبيوت، مُشتت للأسر، وقد اتفق العلماء على أن التدخين فحش من الفواحش التي وجب الابتعاد عنها امتثالا لأمر الله تعالى الذي يقول في محكم التنزيل في سورة الأنعام “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” وقال الله تعالى ” قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون” فمن حكمة الله تعالى أن خلق المتضادات في هذه الحياة، من الطيب والخبيث، والصالح والفاسد، والمؤمن والكافر، والضار والنافع، ليتم الابتلاء والامتحان للعباد، ففي هذه الآية الكريمة نفي المساواة بين الخبيث والطيب، فيقول تعالي ” قل هل يستوي الخبيث والطيب”

 

وهذا يشمل الخبيث من الأشخاص، والخبيث من الأعمال، والخبيث من الأقوال، والخبيث من الأموال، والخبيث من المآكل والمشارب، فلا يستوي الخبيث والطيب من هذه الأشياء ولا من غيرها، فلا يستوي الخبيث والطيب من الأشخاص، وأن تناول الطيبات من المآكل والمشارب له تأثير طيب على القلب والبدن والسلوك، وكذلك تناول الخبائث من المآكل والمشارب له تأثير سيئ على القلب والبدن والسلوك، فقال الله تعالى في سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى