مقال

الدكروري يكتب عن إغتنام أيام الخير ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إغتنام أيام الخير ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ونكمل الجزء الثاني مع إغتنام أيام الخير، والملاحظ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادا أن يبادر أيامه الخوالي بالاستكثار من الباقيات الصالحات، وأن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة، وأن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيماني، حيث قال تعالى كما جاء فى سورة الحشر ” وؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” أى يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة، ويطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة.

ولا ينتظرون منهم أى مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحى الالهي ودخل علي زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها ويقول زملوني، زملوني، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سبب في حفظ الله تعالى له، فقالت “كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” فإن فعل الخير هو استسلام لأمر الله تعالى، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة القصص ” وأحسن كما أحسن الله إليك” وهو أمر قرآني أن يقابل الإنسان إنعام الله عليه بالمال، أو بالصحة، أو بالوقت، بالإحسان على الآخرين، وتقديم الخير لهم، سواء بالمال، أو بالمشورة الصادقة.

أو بالمواساة، وإن فعل الخير يعطي الخيرية لأصحابه، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة البينة ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البريه” وقد سأل نبى الله موسى عليه السلام يوما يارب أنت أرحم الراحمين، فكيف جعلت نارا ستدخل فيها الناس؟ قال يا موسى كل عبادي يدخلون الجنة إلا من لا خير فيه” وكذلك فإن فعل الخير يسبب الراحة النفسية، فتقول الدراسات العلمية إن الإكثار من فعل الخيرات يؤثر إيجابيا على الحالة النفسية للإنسان بل وتقي من أمراض القلب، وإن الخير الذي أشار الله إليه، ينتظم في كل بر، ويشمل كل عمل صالح، فطاعة الله خير والإحسان إلى الناس خير والإخلاص والنية الطيبة خير، والإحسان إلى الناس خير وبر ذوى القربى خير والقول الجميل خير، ونظافة الجسد خير، وإماطة الأذى عن الطريق خير.

وغراس الأشجار خير، والمحافظة على البيئة من التلوث خير، واحترام الآخر خير، والصدق خير والالتزام بالوعد والعهد خير، وبر الوالدين خير وإغاثة الملهوف خير، ورعاية الحيوان خير، والرياضة البدنية خير، وكل عمل ينهض بالفرد ويرقى بالمجتمع فهو خير، والدعوة إلي الله تعالى خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرخير، والعدل خير والسلام العالمي خير، والاستزادة من العلم والحكمة خير، وأنه قد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، ففى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قَال” لقد رأيت رجلا يتقلب فى الجنة فى شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى المسلمين” ولقد كان منادى الخير وهو ينادى كل ليلة فى رمضان من قبل المولى تبارك وتعالى فيقول يا باغى الخير أقبل.

ويا باغى الشر أقصر، لهو واعظ متكرر، ومذكر دائم وداعم مستمر، يرشد المؤمنين أن يقبلوا على فعل الخير ما فيه ربحهم ويكفوا عن فعل الشر وما فيه خسارتهم، وكيف لا والمسلم مطالب أن يغتنم ويتزود ما دام على قيد الحياة، فليكن الخير همك الدائم، وشغلك الشغال بأن تنويه وتعزم على فعله، فإن يسره الله لك وأعانك على أدائه فقد تحقق أجر ما فيه رغبت وإليه سعيت، وإن لم تتمكن من فعله وحيل بين العمل والنية فلك أجر ما نويت، وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه يوما أوصني يا أبتي، فقال يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، وهذه وصية عظيمة وفاعلها ثوابه دائم مستمر لدوامها واستمرارها، فإذا أحسن العبد القصد ولم تتهيأ له أسباب العمل فإنه يؤجر على تلك النية وإن لم يعمل، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى