مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 9″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء التاسع مع الإمام أبو حامد الغزّالي، وكما قال الغزالي وعن بعضهم أنه قال أقلقني الشوق إلى الخضر عليه السلام، فسألت الله تعالى أن يريني إياه ليعلمني شيئا كان أهم الأشياء عليّ، قال فرأيته فما غلب على همي ولا همتي إلا أن قلت له يا أبا العباس علمني شيئا إذا قلته حُجبت عن قلوب الخليقة، فلم يكن لي فيها قدر، ولا يعرفني أحد بصلاح ولا ديانة؟ فقال قل ” اللهم أسبل عليّ كثيف سترك، وحط عليّ سرادقات حجبك، واجعلني في مكنون غيبك، واحجبني عن قلوب خلقك ” قال ثم غاب فلم أره، ولم أشتق إليه بعد ذلك، فما زلت أقول هذه الكلمات في كل يوم، فحكى أنه صار بحيث يُستذل ويُمتهن، حتى كان أهل الذمة يسخرون به، ويستسخرونه في الطرق يحمل الأشياء لهم لسقوطه عندهم، وكان الصبيان يلعبون به، فكانت راحته ركود قلبه.

 

واستقامة حاله في ذلك وخموله، قلت وعلق على هذه الخرافة حجة الإسلام فقال وهكذا حال أولياء الله تعالى ففي أمثال هؤلاء ينبغي أن يطلبوا، وكما قال الغزالي وكان أبو يزيد وغيره يقول ليس العالم الذي يحفظ من كتاب، فإذا نسي ما حفظه صار جاهلا، إنما العالم الذي يأخذ علمه من ربه أي وقت شاء بلا حفظ ولا درس، ومن الزندقه قيل أنه قال متهما الله تعالى بالظلم قرّب الملائكة من غير وسيلة سابقة، وأبعد إبليس من غير جريمة سالفة، وبعد أن عاد الغزالي إلى طوس، لبث فيها بضع سنين، وما لبث أن توفي يوم الاثنين الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة لسنة خمسمائة وخمس من الهجرة، الموافق التاسع عشر من شهر ديسمبر لعام ألف وائة وإحدي عشر ميلادي، في الطابران، في مدينة طوس، ولم يعقب إلا البنات، وقد روى أبو الفرج بن الجوزي.

 

في كتابه الثبات عند الممات، عن أحمد أخو الغزالي، أنه لما كان يوم الإثنين وقت الصبح توضأ أخي أبو حامد وصلى، وقال “عليّ بالكفن، فأخذه وقبّله، ووضعه على عينيه وقال سمعا وطاعة للدخول على الملك” ثم مدّ رجليه واستقبل القبلة ومات قبل الإسفار، وقد سأله قبيل الموت بعض أصحابه، فقالوا له أوصني فقال عليك بالإخلاص فلم يزل يكررها حتى مات، وأما عن تعيين قبره، فقد روى تاج الدين السبكي بأن الغزالي دُفن في مقبرة طابران، وقبره هناك ظاهر وبه مزار، أما حاليا فلا يُعرف قبر ظاهر للغزالي، إلا أنه حديثا تم اكتشاف مكان في طوس قرب مدينة مشهد في إيران حيث يُعتقد بأنه قبر الغزالي، والذي أمر رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان بإعادة إعماره خلال زيارته إلى إيران في ديسمبر عام ألفان وتسعة ميلادي.

 

وقد ادّعى الشيخ فاضل البرزنجي بأن قبر الغزالي موجود في بغداد وليس في طوس، بينما يؤكد أستاذ التاريخ بجامعة بغداد الدكتور حميد مجيد هدو، بالإضافة للوقف السني في العراق بأن قبره في طوس، وأن ما يتناقله الناس حول دفن الغزالي ببغداد، مجرد وهم شاع بين العراقيين، حيث أن المدفون في بغداد هو شخص صوفي يلقب بالغزالي وهو مؤلف كتاب كشف الصدا وغسل الرام، وجاء إلى بغداد قبل نحو ثلاثة قرون، وبعد فترة من وفاته جاء من قال إن هذا قبر الغزالي، وهو وهم كبير وقع فيه الناس، وهكذا كانت حياة العلماء جد واحتهاد لنقل العلم وتكملة رسالة الأنبياء فهو الميراث لهم رحمهم الله رحمة واسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى