خواطر وأشعار

إجابات المشاعر في ” يا سائلا عني “.. قراءة نقدية للشاعر جابر الزهيري

جريدة الأضواء

إجابات المشاعر في ” يا سائلا عني “.. قراءة نقدية للشاعر
جابر الزهيري

متابعة ـ محمــــــــــــودالحسيني

الشعر برغم ما ورد عنه من تعاريف لغوية أو إصلاحية ما زال يحوي من الأسرار ما يجعله دائما يجعل معناه في باطن الشاعر فلا يبوح إلا بما يمتع القارئ وما يلهب قريحة الناقد للحديث عن ما جاء من فنيات بلاغية وتراكيب لغوية في النصوص، فبتحقق الهدف الرئيسي من كتابة الشعر وهي إمتاع المتلقي سواء كان مستمعا أو قارئا عندما يشعر بنفس الحالة الشعورية التي تدفقت منها تجربة الشاعر فتنتقل من الذاتية إلى العموم فيتفاعل معها فقد أدى ما يقرب مما يزيد على ثلاث أرباع ما قصد من أجله، فالشعر هو لسان حال الجميع سواء كاتبا أو متلقيا، وهذا ما يجعل ما توارد من الشعر على مدار العصور شاهدا على تجارب بما يحويه من حكم وعبر وتصديقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سمع الشعر (إن من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا).

وتقاس درجة موهبة الشعر بما يتركه من تعدد الرؤى عند النقاد من حيث استخدامه للرمز وما به من إسقاط يتفرع لمناح متفقة مختلفة، وما يتعلق بفنون البلاغة وعلومها من بيان وبديع ومعاني، في إطار لغوي تحتويه موسيقى العروض، وسجع القافية، فيجعل لما يكتب خصوصية لغوية بلاغية تفرق بينه وبين فنون السرد من رواية وقصص قصيرة ومسرح.

وفي هذه المجموعة التي احتوت على لونين من ألوان الشعر وهما ما كتب باللغة الفصيحة وما كتب باللهجة المصرية ما يترك مجالا رحبا يؤكد على تمكن واضح من الشاعرة التي تجيب على أول سؤال وهو ما اللون الذي تجيدين التعبير به عن ما بنفسك من مشاعر؟ ثم تنطلق دون خوف من قيود اللغة لتعبر عن نفسها معتزة باصلها فهي الشريفة الشماء المفتخرة بمصريتها وعروبتها وثقافتها وتراثها في قصائد تحمل زخما كبير يوضح من تكون هذه الشخصية، فالمبدع يغترف من ذاته أولا، ثم من محيطه الأقرب ثم تتسع الدائرة، فهي تتحدث بقصائد تحمل مشاعر الأم وتهديها لأبنائها كل حسب ما نبض قلبها الشاعر له في دفقات تحمل من صدق التجربة حلاوة الشعور ودقة المعنى وجزالة اللفظ وبراعة التركيب، ولكنها كأي أنثى لا تغفل عن مشاعر القلب ولا تواري ما يستشعره مكنون فؤادها فتكتب بمشاعر مغرقة في العذوبة رغم ما بداخلها من ألم يبعث فيها روح التحدي للمواجهة، وكأنها في حالة من حالات الحب الصوفي المرتبط بالذات الالهية، فهي رغم ضعفها كأنثى إلا أنها القوية بتحقيق حلمها الذي طالما تباعدت عنه مرغمة، كما وضحت في قصيدة باللهجة المصرية متناولة قضية الأنثى عامة وما تعانيه من محاولات التصدي لفكر قديم يجاهد في تحطيمها لا لسبب غير كونها بنت حواء، فأجد روح الخنساء تماضر بنت عمر تتلبسها فتقول وتقول.

لم تغفل الجانب القومي فكتبت وأكاد أجزم أنها من روائع الديوان قصيدتها عن الاسير الفلسطيني، لتؤكد تماس الهم العربي في نفوس كل المبدعين، في حوارية رائعة بين الأسير ووالدته، وكأنها تشير إلى ما تعانيه المرأة العربية أشد وطأ مما يعانيه الرجل وذلك لرقة الأنثى، وما تحويه من عاطفة الأمومة التى لا يستطيع أن يتقمصها الرجل.

أجابت وأبدعت الشاعرة سكينة الشريف في قصائد الديوان عن سؤال جعلته عنوانا للمجموعة ومحورا تدور في فلكه كل النصوص، لتكمل يا سائلا عني ها أنا واضحة كل الوضوح من خلال ما خطت مشاعري على الأوراق، فما كتبت إلا بمداد الإحساس على أوراق الذات.

تحية تقدير للشاعرة التى وإن كانت تأخرت كثيرا في إصدار ديوان يجمع بعض كتاباتها للقارئ إلا أنها قدمت ما يؤكد ولوجها عالم الشعر بقوة، تمنحها دفعة لإصدارات جديدة.

جابر الزهيري، رئيس نادي أدب أبو قرقاص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى