مقال

الدكروري يكتب عن أحكام وفتاوي الصيام ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أحكام وفتاوي الصيام ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع أحكام وفتاوي الصيام، وتزيد المرأة واحدا وهو الحيض وجب عليها الصيام، ولكنه يؤمر به فى صغره، وإذا كان له عشر سنين وأطاق الصيام أخذ به، ويلزم به ليتعود عليه، وكان الصحابة يلهون أولادهم الصغار باللعب حتى يكملوا صيامهم ليعودوهم على ذلك خلافا لما يفعله بعضهم اليوم من منع أولادهم من الصيام رأفة بهم زعما، مع أن التربية تقتضي أن يعودهم على الصيام إلا إذا تضرروا من الصيام، وأما المجنون المرفوع عنه القلم فإنه لا يصوم، فأما إذا استفاق فإنه يصوم، ولا يلزمه قضاء اليوم إذا أفاق فيه، وإنما يلزمه إمساك بقيته، كالصبى إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، وأما المغمى عليه فإن كان الصيام يسبب الإغماء فلا يصوم ومن أغمى عليه فترة طويلة يلحق بالمجنون، كمن ذهب فى الغيبوبة بسبب حادث مثلا أياما فإنه لا يقضى لأنه يلحق بالمجنون.

وأما إذا طرأ عليه الإغماء أثناء النهار وكان قد نوى من الليل وأصبح وهو صائم ثم أغمي عليه فى أثناء النهار واستيقظ فإن صيامه صحيح، سواء أفاق قبل الغروب أم بعده، مثله مثل النائم، وأما الهرم الذى بلغ حد الهذيان، وسقط تمييزه سقط التكليف عنه فلا قضاء ولا كفارة، وإذا كان يهذى أحيانا ويعقل أحيانا فإنه لا يصوم، فإنه لا شيء عليه فى حالة الهذيان والتخريف وزوال العقل، وإذا رجع إليه عقله وتماسك وجب عليه الصيام، والعاجز عن الصيام عجزا مستمرا لا يرجى زواله كالكبير في السن، والمريض مرضا مزمنا لا يستطيع الصيام بسببه أو يشق عليه فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا، والمريض يرخص له بالفطر، فقال تعالى ” ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر” فإذا كان الصوم يضره، سواء بالهلاك، أو بإتلاف أعضاء، أو حصول عاهات.

ونحو ذلك فإنه لا يجوز له أن يصوم، وإما إن كان الصوم يشق عليه ولا يضره، والضرر أعظم من المشقة، لا يجوز أن يصوم إذا كان الصيام يضره، وإذا كان يشق عليه فالمستحب له أن يأخذ برخصة الله ويفطر، فإذا عافاه الله قضى ما فاته، فسواء كان المرض يؤلمه، أو يؤذيه، أو يزيد المرض، أو يتأخر الشفاء، فكل ذلك يفطر من أجله، والصحيح أنه يجوز له أن يفطر له من كل مرض ما دام يطلق عليه مرض لما ورد في الآية في كتاب الله عز وجل، والشخص الذى لا يشق عليه الصوم، ولا يضره، فإنه يجب عليه أن يصوم لأنه لا عذر له، ولو أمر الطبيب المريض بالإفطار لان الصيام يضره فيجب قبول قول الطبيب إذا كان الطبيب ثقة، مأمونا، خبيرا فى طبه، ويقبل قوله ولو كان كافرا إذا لم يوجد المسلم، وأما من مرض وهو يرجو الشفاء فإنه ينتظر ولا يكفر.

كما يفعل كثير من الناس الذين لا علم لهم، فإنه بمجرد المرض يكفر، وهذا غير صحيح، وإنما عليه أن ينتظر حتى يُشفى، ثم يصوم ويقضى، وليس عليه كفارة، فإذا كان المرض لا يرجى شفاؤه فعند ذلك يكفر، وقضية هل يرجى شفاؤه أو لا يعتمد تقرير ذلك على كلام الأطباء، وإذا احتاج المريض إلى علاج فى النهار بأنواع الحبوب والأشربة مما يؤكل ويشرب فيفطر من أجل أخذ العلاج، وهو يحاول أن يكون العلاج بالليل، لكن إذا اضطر إلى أخذه في النهار، وكانت المحافظة على أوقات الدواء مهمة بالنسبة له فإنه يفطر من أجل أخذ الدواء، ومن أفطر من رمضان وهو ينتظر الشفاء، ثم تبين له أن مرضه مزمن فتجب عليه الفدية، فقال تعالى ” فدية طعام مسكين” ومن مرض فمات أثناء مرضه فيُنظر، إذا مرض أثناء شهر الصيام ومات فى رمضان فهل على أوليائه إخراج شيء عنه أو قضاء؟

لا، ولو مات أثناء الشهر ولكن هل على أوليائه قضاء بقية الشهر عنه؟ لا، لأنه مات فانقطع التكليف، ومن مرض ولم يتمكن من القضاء طيلة الفترة فليس عليه شيء، ولا على أوليائه، ومن مات في أثناء الوقت الموسّع، يعنى مرض، ثم شُفي وما صام حتى جاء رمضان القادم، ومات، فإذا مات في أثناء الوقت الموسّع، يعني بين الرمضانين، فبعض أهل العلم يقول لا شيء عليه، وبعضهم يقول على أوليائه إخراج الكفارة عنه، لأنه فرّط، وكان يمكن أن يقضي ولم يقضى، وبعضهم يقول لا قضاء عليه لأنه عنده متسع من الوقت ولم يأت رمضان الذى بعده، فإن الأحوط أن يكفروا عنه، فإن صاموا عنه فلا بأس، كما ذكر بعض أهل العلم أيضاً لقوله صلى الله عليه وسلم “من مات وعليه صيام صام عنه وليه” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى