مقال

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 4

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع مشروعية صيام رمضان، فأنفق يا من منّ الله عليك بالمال، فأطعم الطعام في رمضان، وليس بالضرورة أن يكون إطعام الطعام للفقراء فحسب في بيوت الله، وإنما قدم الطعام ليأكل منه الغنى والفقير والمسافر والمقيم، فأطعم الطعام فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وهذا شطر من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه الذي فيه “ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة، أى وقاية والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” فأكثر من الصدقة والإنفاق، فيقول صلى الله عليه وسلم “وما من يوم إلا وينادى ملكان من السماء فيقول الأول اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الثانى اللهم أعط ممسكا تلفا” والله عز وجل يقول كما جاء فى سورة البقرة ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم”

 

فمالك يا ابن آدم تقول مالي مالي مالي؟ وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت؟ فقال صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه فقال “أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ أى من منكم يحب مال الورثة بدرجة تفوق حبه لماله الخاص؟ قالوا ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، فقال صلى الله عليه وسلم” فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر” رواه مسلم، فهيا نافس أهل الخير على قدر جهدك وطاقتك ” فاتقوا الله ما استطعتم” فابحث عن الفقراء والمساكين وأطعمهم فإن هناك من بيوت المسلمين من لا يذوق طعم اللحم في العام إلا مرة أو مرات قليلة، في الوقت الذى يرمى فيه اللحم في كثير من بيوت المسلمين بعد موائد الطعام، وقد قيل أن رجل أصيب بمرض في قلبه، وانطلق هنا وهنالك عند الأطباء ليبحث عن دواء وعلاج.

 

وأخيرا قرر السفر إلى الخارج، وأجريت له الفحوصات، وبذل له الأطباء العلاج، وقرروا له جراحة عاجلة، فقرر هذا الرجل الطيب المسلم أن يعود مرة أخرى إلى بلده ليلتقى بأهله وأحبابه، وكان يقول ظننت أن هذه الجراحة سينتهى بها الأجل، فأحببت أن أرى الأهل والأحباب قبل أن ألقى الله عز وجل، فعاد إلى بلده وقبل السفر إلى الخارج مرة أخرى بأيام كان يجلس مع صديق له في مكتبه الخاص إلى جوار رجل يبيع اللحم، وفجأة لفت نظره وشد انتباهه مشهد مؤلم يحطم القلب، رأى امرأة كبيرة في السن تلتقط العظم واللحم النيئ الذى يلقى على الأرض من جوار هذا الرجل الذي يبيع اللحم، فنظر إليها، وتأثر بها ونادى عليها وقال ما تصنعين يا أماه؟ قالت والله يا بنى إن أولادى ما ذاقوا طعم اللحم منذ ستة أشهر فأردت أن أجمع لهم بعض العظام مع بعض اللحم النيئ.

 

فتأثر الرجل، ورقت عينه، وخشع قلبه، وانطلق إلى هذا الجزار وقال هذه المرأة إن أتتك في أى وقت فأعطها ما تشاء من اللحم، وأخرج له على الفور مالا يعادل قيمة اللحم الذى ستأخذه فى سنة كاملة، فبكت المرأة وتأثرت، وعادت إلى البيت فى غاية السعادة والسرور بقطع اللحم الذى ستسعد بها أولادها وأبناءها، وعاد الرجل إلى بيته سعيدا فرحا، وهو صاحب القلب المريض الذى لا يقوى على الحركة، ولكنه حس بالنشاط والحيوية، وحس بالسعادة والانشراح، ولما دخل البيت قابلته ابنته فقالت يا أبت ما شاء الله أراك نشيطا سعيدا، فقص عليها ما قد كان، فبكت البنت وقالت أسأل الله أن يسعدك بشفاء مرضك كما أسعدت هذه الفقيرة وأبناءها، واستجاب الملك دعاء الفقيرة ودعاء الفتاة، والتفت الجميع إلى خفته وحيويته ونشاطه فتعجبوا، وقال أشعر ولله الحمد بأن الله قد عافانى.

 

ولا أشعر بأى عرض من الأعراض التى كنت أشعر بها قبل ذلك، فصمم الجميع على سفره إلى الخارج وهنالك لما نام بين يدى طبيبه ليجرى له الفحوصات مرة أخرى فزع الطبيب واندهش، وقال له عند أى الأطباء فى مصر قد تعالجت؟ فقال تاجرت مع الله فشفانى الله عز وجل فالصدقة تطفئ الخطيئة، وتطفئ غضب الرب عز وجل فلا تحتقر أمر الصدقة، والله الذى لا إله غيره إن الله سيدفع بالصدقة عنك من الأذى والمصائب والبلاء ما لو عرفته لأنفقت لله في الليل والنهار، فضع ضمن برنامج رمضان الصدقة، فتصدق، وأخرج زكاة مالك لأن الله عز وجل يقول ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” والمال ظل زائل، وعارية مسترجعة، كما قال الشاعر النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبينها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى