مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن خلكان ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن خلكان ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

الإمام إبن خلكان هو أحد الأئمة الفضلاء والسادة العلماء والصدور الرؤساء، ولد في العراق وقضى رحلة حياته ما بين مصر والشام، وكان إماما فاضلا وأديبا بارعا، كما كان حاكما عادلا ومؤرخا جامعا وله الباع الطويل في الفقه والنحو، هو قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان وكان يكنى أبا العباس، وأما عن أصل اسم ابن خلكان، قيل إن لفظ خلكان مكون من فعلين، هما، خل وهو بمعنى اترك، والفعل الآخر هو كان، وقد سُمي ابن خلكان بذلك لأنه كان يقول دائما كان والدي كذا وكان جدي كذا، وعندئذ كان يقال له خلّ كان، ومن الناس من ضبطها بالسكون لتصبح خلكان، وقيل أن خلكان اسم لقرية وقيل اسم لبعض أجداده، وهو مؤرخ وقاضي وأديب ويعد من أعلام مدينة دمشق، وهو صاحب كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان.

 

وهو أشهر كتب التراجم العربية، ومن أحسنها ضبطا وإحكاما، وولد إبن خلكان في شهر ربيع الأول من سنة ستمائة وثمانية من الهجرة، وهو صاحب الكتاب المرجعي في تراجم الرجال “وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان” وكانت ولادة ابن خلكان في المدرسة المظفرية بمدينة أربل وهي أربيل حاليا، الواقعة في إقليم كردستان العراق، حيث كان والده شهاب الدين مُدرسا فيها، وعاش ابن خلكان يتيم الأب وذلك منذ أن بلغ الثانية من عمره، الأمر الذي دفع صاحب إربل مظفر الدين كوكبوري لكفالته وأشقائه، وذلك نظرا للعلاقة المميزة التي نشأت بينه وبين أبيهم المتوفى، وقد ساهمت هذه الكفالة في الحيلولة دون اختلال توازن الأسرة، كما ساعدت على توفير سُبل انطلاق أحمد صوب طلب العلم، وثار في عهد ابن خلكان وبعد قرون من وفاته جدل كبير حول نسبه.

 

فالبعض نسبه إلى البرامكة الذين شغلوا مناصب رائدة في بلاط الخلفاء العباسيين قبل أن ينكبهم هارون الرشيد، فيما ذهب البعض الآخر للقول إنه كردي الأصل، ومن الذين أحالوا نسب ابن خلكان إلى البرامكة هو المؤرخ شرف الدين المستوفى، والصاحب كمال الدين، والإمام شمس الدين الذهبي، والمؤرخ الصفدي، والفقيه الشافعي السبكي، والمؤرخ المقريزي، والمورخ ابن قاضي شهبة، وأخيرا المؤرخ ابن العماد الحنبلي، أما هو نفسه، أي ابن خلكان، فقد قال عن نسبه، أما النسب والكذب فيه، فإذا كان ولا بد منه، فكنت انتسب إلى العباس أو إلى علي بن أبي طالب أو إلى أحد الصحابة، وأما النسب إلى قوم لم يبقي فيهم بقية، وأصلهم من فرس مجوس فما فيه فائدة، وهكذا ولد في أربيل في خلافة الدولة العباسية، لأسرة تنحدر من البرامكة، وصرّح ابن خلكان لابنه موسى.

 

أن قبيلته التي ينتسب إليها هي من الكرد، واسمها زرزاري، وهي بمعني ولد الذئب، وعاش واستقر في دمشق، وأقام فيها حتى وفاته، ونبغ في الأحكام والفقه وأصول الدين وعلومه وعرف كثيرين من أعلام دمشق وشيوخها فولاه الملك الظاهر قضاء الشام، وعزل بعد عشر سنين، ثم تولى التدريس في مدارس دمشق وكان من الأعلام، وتوفي ودفن في سفح جبل قاسيون في دمشق سنة ستمائة وواحد وثمانين من الهجرة، كعادة طلبة العلم في ذلك الزمان رحل ابن خلكان إلى العديد من البلاد للسماع من الشيوخ والعلماء، فقصد مصر، وأقام فيها زمنا حيث تولى نيابة قضائها عن القاضي بدر الدين السنجاري، ثم ارتحل إلى دمشق فعينه الظاهر بيبرس على قضاء الشام، وبعد عشرة سنوات تم عزله، فرجع ابن خلكان إلى مصر ومكث بها سبع سنوات، ثم عاد مرة أخرى إلى القضاء بالشام.

 

ولكنه تم عزله من منصبه بعد فترة من الزمان، وقد كان المنصب دُولا بينه وبين ابن الصائغ، يُعزل هذا تارة، ويولى هذا، ويعزل هذا، ويولى هذا، وحينما أعيد ابن خلكان لمنصبه في إحدى المرات كان يوم توليته يوما مشهودا، حيث جلس في منصة القضاء، وتكلم الشعراء عنه مادحين إياه مبرزين أفضاله، واصفين أيامه في الشام مثل أيام يوسف بن يعقوب عليهما السلام في مصر، وفي ذلك إيحاء واضح لإشادتهم به وعدم رضاهم عن ابن الصائغ، اذ اعتبروا سنوات الأخير السبعة بمثابة السبع الشداد، قبل أن يغاث الناس بعودة ابن خلكان، ومن أقوال علماء فيه، انه قال عنه ابن كثير في البداية، ابن خلكان قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الشافعي أحد الأئمة الفضلاء بدمشق والسادة العلماء والصدور الرؤساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى