مقال

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد كان شهر رمضان علي مر العصور منذ فجر الإسلام هو شهر الإنتصارات وشهر العزة والتمكين لما فيه من روحانيات إيمانية ونفحات ربانية يمن بها الله عز وجل علي عباده الذين اهتدوا وعرفوا طريق الحق وتمسكوا بشرع الله عز وجل وبحبلة المتين وإن شهر رمضان هو شهر الجهاد، ليس فيه تعطيل للقتال، ولا توجد به راحة للمؤمن، بل على العكس، عندما انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم بالجيش، واقترب من مكة، وكان صائما وكان الصحابة كلهم صائمين معه، قيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت، فماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل أخَّر الصيام، أم أخَّر الجهاد؟ لقد دعا بقدح من ماء بعد العصر، وكان اليوم قرب على الانتهاء، ومع ذلك يُرسخ معنى في غاية الأهمية في قلوب المسلمين، إذ شرب والناس ينظرون إليه.

 

فأفطر بعضهم وصام بعضهم” فمنهم مَن قلد، ومنهم من لم يقلد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه النقطة، الأمر على الجواز، فبلغه أن أناسا صاموا، يا ترى ماذا قال؟ قال صلى الله عليه وسلم “أولئك العصاة ” مع أنه فى الأيام الأخرى كان يسمح لمن أراد أن يفطر فليفطر، ومن أراد الصوم فليصم، لكن فى هذه المرة الأمر مختلف فهم ذاهبون إلى مكة للجهاد، والجهاد يحتاج إلى قوة وجلد، لم يؤخر الجهاد بل أفطر لأن الجهاد متعين الآن، أما الصيام فيمكن قضاؤه بعد ذلك، ولكن الجهاد لا يُؤخر، الجهاد ذروة سنام الإسلام، لذلك أفطر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مسافرا سفرا طويلا جدا فى الصحراء فى رمضان، فكان الصيام صعبا جدا، وضعت كذلك فى فتح مكة مئات القواعد لبناء الأمة الإسلامية ففتح مكة كان فى رمضان.

 

وكل رمضان نتذكر فتح مكة، نتذكر صدفة أن أول صدام حقيقى مع مشركى قريش كان فى رمضان في غزوة بدر، وآخر صدام مع المشركين كان أيضا في رمضان في فتح مكة، وهل يعقل أن تكون صدفة؟ فقد قال سبحانه وتعالى فى سورة القمر ” إنا كل شئ خلقناه بقدر” فهذا الشهر تتغير فيه أحوال الأمة بشكل رائع، وهى علامات في منتهى الوضوح، فى هذا الشهر الكريم الرسول صلى الله عليه وسلم يهدم صنم هبل، ومعه أكثر من ثلاثة مائة وستون صنما بداخل الكعبة المشرفة، وهذه الأصنام ظلت داخل الكعبة واحد وعشرين سنة، بداية من نزول البعثة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبالتأكيد ظلت هذه الأصنام سنين طويلة قبل البعثة موجودة، فى كل هذه الشهور السابقة والسنوات السابقة ربنا سبحانه وتعالى يختار أن هذه الأصنام تدمر وتكسر وتقع في شهر رمضان.

 

وفي الشهر نفسه بعث الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد ليهدم صنم العزى، فهدمها، وفي الشهر نفسه بعث عمرو بن العاص ليهدم صنم سواع، فهدمه، وفى الشهر نفسه بعث سعد بن زيد ليهدم صنم مناف، فهدمه، ما هذا؟ أمعقول كل هذا في شهر واحد؟ وفي شهر رمضان تقع كل هذه الأصنام؟ أمعقول أنها صدفة؟ فإن هذا شهر إعزاز الإسلام، وتمكين الدين، ونصر المؤمنين، فرمضان شهر الإنقاذ والنجدة والنصر والعزة، فلا يصح ألا يعلم المسلمون هذه المعاني، ويظنون أنه شهر الأعمال الفنية الجديدة، والدورات الرياضية، والخيم الرمضانية، ليس هذا هو رمضان الذى يريده ربنا سبحانه، فإن شهر رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات قديما وحديثا ففيه نصر الله المسلمين في بدر وفتحت مكة فى رمضان، ووقعت معارك تاريخية خالدة في رمضان.

 

وفى عصرنا الحاضر وقعت معركة الفلوجة الشهيرة في رمضان وملحمة تورا بورا قبل عقد من الزمن وقعت أيضا في رمضان، فإن البشارات تتوالى من كل مكان على المسلمين خاصة فى هذا الشهر الفضيل فابشروا وبشروا وأملوا وأكثروا من التقرب إلى الله والالتجاء إليه وطلب النصر منه خاصة ونحن مقبلون في هذه الأيام على أيام عظام وليال هي خير الليالى عند الله، فإنه يشهد التاريخ الإسلامي أن أغلب الغزوات والمعارك التى قادها المسلمون في شهر رمضان كانت تكلل بالفوز والانتصار، من هنا حرص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن تكون أغلب غزواته في شهر رمضان تقربا إلى الله تعالى وإرشادا للمسلمين إلى سبيل الاسـتعداد لاحتمال الشـدائد في الجهاد، وهنا تجتمع لدى المجاهد الصائم مجاهـدة النفس ومجاهدة الأعداء فإن انتصر تحقق له انتصاران هما الانتصار على هوى النفس، والانتصار على أعداء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى