مقال

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن شهر العزة والنصر والتمكين” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع شهر العزة والنصر والتمكين، وإذا استشهد لقى الله سبحانه وتعالى وهو صائم، وتحقق فيه قول الله تبارك وتعالى كما جاء فى سورة التوبة ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة” ويقول الله تعالى فى محكم آياته كما جاء فى سورة آل عمران ” إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون” ويقول أيضا فى سورة الأنفال ” وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم” وإن من أعظم المعارك الإسلامية الرمضانية التى تسببت فيها امرأة، صرخت، وقالت وامعتصماه، فحركت نخوة الخليفة العباسى المعتصم بالله فحرك جيشا عرمرما من قصر الخلافة إلى منطقة عمورية، وحاصر مدينة عمورية، إحدى مدن الدولة البيزنطية.

 

استجابة لنداء المرأة المسلمة التي استغاثت به، إنها معركة فتح عمورية، حيث اقتحم المعتصم بالله العباسي حصون عمورية في مائة وخمسين ألفا من جنوده، ليجعل من غزوته غرة في جبين الدهر، والدرة والتاج في تاريخ الإسلام، وتعود أسباب تلك المعركة، إلى أنه قد نقل إلى الخليفة أن امرأة مسلمة من العفيفات قد وقعت في يد جند من جنود الروم، فلما هم بسبيها نادت وامعتصماه، وامعتصماه، فهز النداء نخوته، وأثار رجولته، وقال لبيك، لبيك، فنهض المعتصم، ولبس لامته وتقلد سلاحه، وركب حصانه، وصاح بالنفير وهو على أبواب قصره، وأقسم ألا يعود إليه إلا شهيدا محمولا على الأعناق، أو ظافرا منتقما للمدينة الغالية المنكوبة، والمرأة المسلمة المغصوبة، وفى أرض المعركة قاتل الجيش المسلم الروم، ولم تغب شمس يوم السابع عشر رمضان فى عام مائتان وثلاثه وعشرون من الهجرة.

 

إلا والمدينة العريقة العتيدة بأيدي المسلمين، وشوهد المعتصم بن هارون الرشيد يدخلها على صهوة جواده الأصهب، وقد نكس رأسه خضوعا لله وشكرا على نعمائه، فأين من يسمع صرخة امرأة وأين من يسمع صرخات الأطفال والعجائز، وإن المتأمل فى أحداث شهر رمضان عبر التاريخ الإسلامى سيجد أمورا عجيبة، هذه الأمور ليست مصادفة، وكل شيء عند الله عز وجل بمقدار، سيجد أن المسلمين ينتقلون كثيرا من مرحلة إلى مرحلة أخرى في شهر رمضان، من ضعف إلى قوة، ومن ذل إلى عزة، ومن ضيق إلى سعة، وقد ارتبط شهر رمضان بالجهاد بشكل لافت للنظر، حتى آيات الصيام في سورة البقرة بداية من قول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام” إلى آخر الآيات تنتهى في ربع من القرآن، ثم يبتدئ ربع جديد، وثانى آية فيه تتحدث عن الجهاد والقتال.

 

وهي آيات كثيرة تحض على الجهاد، والقتال بشدة، والعلاقة واضحة بينها وبين آيات الصيام فالإعداد للجهاد هو إعداد للنفس، إعداد للجسد، إعداد للأمة كلها، والعلاقة بين الصيام والجهاد وثيقة جدا، فالتاريخ الإسلامى يؤكد هذا الارتباط، ومن ذلك أن أول خروج للمسلمين لقتال مشركي قريش كان فى شهر رمضان، وليس المقصود هنا غزوة بدر، فقبل بدر خرج جيش إسلامي لأول مرة لقتال المشركين بعد الإذن بالقتال وكان في رمضان سنة واحد من الهجرة، ولم يكن صيام رمضان قد فرض بعد، وكانت هذه هى سرية حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت السرية فى مكان يُعرف باسم سيف البحر، إذن أول مرة يرفع المسلمون سيوفهم للدفاع عن حقوقهم وأنفسهم كانت فى رمضان، ولم يحدث قتال في هذه المرة فقد حجز بينهم أحد حلفاء الفريقين، كان اسمه مجدى بن عمرو الجهنى.

 

وتمر الأيام ويأتى شهر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة، ويحدث فى هذا الشهر حدث هائل من أهم الأحداث فى تاريخ الأرض، ليس فى تاريخ المسلمين فقط، ألا وهو غزوة بدر الكبرى فى السابع عشر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة وقد انتهت بالنصر الباهر للمسلمين، وهى أول صدام حقيقى بين المسلمين وبين مشركى قريش، وكانت قريش تحمل لواء الكفر فى الجزيرة العربية، وكل شيء فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، محسوب فليس فيه أمر صدفة، ليس فيه قولنا من الممكن أن يكون هذا الحدث فى رمضان، ومن الممكن فى غير رمضان، فإن الأمر مقصود، فمقصود أن يكون أول لقاء حقيقى مع المشركين فى بدر، مقصود ومحسوب، والحكم كثيرة جدا، قد نعلم بعضها وقد نجهل بعضها، ولكن في النهاية هذا شيء محسوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى